وكالة الطاقة الدولية IEA لم تأت بسيناريو جديد لتصفير صافي انبعاث ثاني أكسيد الكربون. بل هي نقلت السيناريو الذي أوردته الشركة البريطانية BP في تقريرها السنوي (energy outlook) الصادر بتاريخ 14 سبتمبر 2020. وقد سبق أن ناقشنا هُنا في هذه الزاوية تقرير الشركة البريطانية في حينه بتاريخ 27 سبتمبر 2020 وبعنوان: شركة البترول البريطانية تُكرر خطأها قبل 100 سنة. بتطبيق السيناريو الذي أوردته وكالة الطاقة الدولية IEA على السيناريو الذي أوردته شركة البترول البريطانية المسمى Net Zero نجد أنهما توءمان يتطابقان كل التطابق في الأرقام والتواريخ التي تسير عليها منحنيات مصادر الطاقة المختلفة من العام 2019 الى العام 2050. حيث تأخذ منحنيات استهلاك الوقود الأحفوري (البترول والغاز والفحم) في الانخفاض المستمر فبعد أن كانت 84 % عام 2019 ستنخفض إلى 20 % العام 2050. بينما ترتفع منحنيات مصادر الطاقة المتجددة (الشمسية والرياح ومجاري المياه والوقود الاصطناعي) إضافة إلى نمو استهلاك الطاقة النووية إلى 80 % بحلول العام 2050. الفرق الوحيد بين سيناريو وكالة الطاقة الدولية وسيناريو شركة البترول البريطانية هو أن سيناريو الشركة البريطانية هو مجرد سيناريو مُحتمل حدوثه ضمن مجموعة أخرى من السيناريوهات يُحتمل حدوثها بحلول العام 2050. بينما سيناريو وكالة الطاقة الدولية هو وضع خارطة طريق تُطالب الوكالة حكومات دول العالم بأن تسير عليها لتحقيق السيناريو الذي وضعته الشركة البريطانية. الواضح أن سيناريو تصفير انبعاث الكربون - في الأصل - ليس وليد فكر طارئ لوكالة الطاقة الدولية وحدها، بل هو اتجاه عام لدى الجهات العميقة التي تشعر أن من الضروري إيجاد مصادر للطاقة مستدامة تحل محل المصادر الحالية للطاقة التي مصيرها - سواء عاجلاً أو آجلاً - النضوب. نحن الآن سنركز على المسار الافتراضي لاستهلاك البترول الوارد في الصفحة 136 من تقرير الشركة البريطانية باسم استهلاك وإنتاج البترول. فنجد أنه منقول بالحرف في تقرير وكالة الطاقة الدولية Figure 3.2 باسم إنتاج الفحم والبترول والغاز في سيناريو تصفير الكربون. في كلا التقريرين (تقرير وكالة الطاقة الدولية وتقرير الشركة البريطانية للبترول) يبدأ منحنى الطلب على البترول ينخفض إلى 88 مليون برميل في اليوم العام 2020 بسبب الجائحة بعد أن كان حوالي 100 مليون برميل في اليوم العام 2019. ثم يرتفع إلى 96 مليون برميل العام 2021، ولكن لا يعود قط إلى مستواه قبل الجائحة بل يستمر في الانخفاض بمعدل 4 % سنوياً إلى أن يصل استهلاك وإنتاج البترول حوالي 20 مليون برميل في اليوم العام 2050 تُستهلك في إنتاج الكيميائيات ويتم الاستغناء عنه كُلياً في استخدام المواصلات بجميع أنواعها. يوجد فرق بين الرغبة في تحقيق شيء معين وبين القدرة على تحقيق هذا الشيء المرغوب في تحقيقه. سيناريو تصفير صافي انبعاث الكربون بحلول العام 2050 هو إلى الآن مجرد رغبة قد لا تتحقق في موعدها، ولكنها قد تتحقق بحلول العام 2075 لنضوب الوقود الأحفوري.