الإدارة الرياضية تعتبر من أهم مقومات التطور الرياضي العالمي الحديث؛ لأنها الأداة الفعالة في زيادة الإنجاز الرياضي وتطوره كماً ونوعاً، وهي تقوم على تخطيط وتنفيذ ومتابعة وتقويم كل الأنشطة الرياضية، الرياضة السعودية واجهت مشاكل عديدة بسبب نقص الكفاءات الإدارية التي تبني منظومة رياضية احترافية باستراتيجيات طويلة المدى وأهداف محددة، الشغف بالعمل أولى خطوات النجاح؛ لأن الشغف يصنع المستحيل ويزداد تأثيره إذا كان القائد لديه ذلك الشغف، في اللقاء الرمضاني مع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - تحدث عن اختيار الوزراء والمسؤولين وذكر عدة معايير من أهمها أن يكون للمسؤول شغف بالعمل، وذكر مثالاً لذلك سمو وزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي، ومنذ ذلك اللقاء حرصت على متابعة أي لقاء مع سمو وزير الرياضة، في الأسبوع الماضي تحدث خلال المؤتمر الصحفي، وعرض العديد من المنجزات التي حققتها وزارة الرياضة خلال الثلاث سنوات الماضية، وهذه المنجزات لا يمكن أن تتحقق في هذا الزمن القصير إلا بوجود استراتيجية ناجحة ومتابعة دقيقة والغوص في كل التفاصيل، وبلا شك فإن الإلمام بالتفاصيل تجعل القائد يتخذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح، وزارة الرياضة بدأت خطوات متسارعة وجبارة في حلحلة الكثير من المشاكل والمعوقات التي تواجهها الرياضة السعودية وهنا نتطرق إلى المشكلة الأزلية التي عانت منها الأندية على مدى سنوات عديدة، وهي مشكلة الهدر المالي وخصوصاً الأندية الجماهيرية، كانت إدارات الأندية تستلم النادي بدون معرفة بالديون المستحقة والالتزامات المستقبلية، وبلا رقابة مالية تحد من التجاوزات ولا إدارة مالية تضبط الميزانيات، فتبدأ عملها تحت تأثير الضغط الجماهيري، ثم يتم التوقيع مع محترفين بعقود ضخمة وشروط جزائية مجحفة، جزء من تضخم عقود المحترفين كان بسبب سمعة الأندية السعودية التي تأثرت كثيراً بتأخر سداد المستحقات، وهذا تسبب في تكبد الأندية مبالغ ضخمة تعجز عن سدادها وعند الرغبة في تسويق عقود اللاعبين قد لا تصل العروض المقدمة نصف قيمة عقودهم الحالية، رياضتنا الآن في المسار الصحيح الذي يتجه نحو خصخصة الأندية بعد معالجة جانبين مهمين وهي ضبط الهدر المالي والإصلاح الإداري، استراتيجية وزارة الرياضة تقوم على مبدأ دعم مالي أكثر للأندية التي تنجح في تطبيق معاير الجودة والحوكمة وزيادة عدد الألعاب الرياضية، والأهم من ذلك كله هو تجاوز متطلبات الكفاءة المالية التي تمنع الأندية من تسجيل محترفين جدد إلا بعد تطبيق المعايير المالية، وهذا جعل الأندية الآن في وضع مالي أفضل بكثير من الأعوام السابقة والاستمرار في تطبيق هذه الاستراتيجية سوف تصل بالأندية إلى صفر ديون خلال الخمس سنوات المقبلة بشرط زيادة التشدد في الإجراءات الرقابية وتفعيل دور التسويق الرياضي لزيادة مداخيل الأندية، بيان الكفاءة المالية الذي صدر يوم الخميس الماضي أظهر أن ثلاثة أندية ديونها أصبحت فعلياً صفراً، ومنها نادي الفيصلي الذي حقق بطولة هذا الموسم، ونادي الفتح الذي حقق فائضاً مالياً، بطل الدوري لهذا العام نادي الهلال ديونه لم تتجاوز 24 مليون ريال، وهذا مؤشر قوي على نجاح استراتيجية وزارة الرياضة، أيضاً إدارة نادي الاتحاد تمثل قصة نجاح وهي التي حققت أعلى دخل من بين جميع الأندية، وهذا يعود إلى الاستعانة بشركة متخصصة في الاستشارات الإدارية ساعدت في بناء منظومة إدارية ذات كفاءة عالية وتطبق معايير الحوكمة، مع أن ديون النادي هي الأعلى من بين الأندية قد يعود ذلك إلى تراكم ديون سابقة، تبقى مشكلة سداد الديون الحالية هي المعضلة التي تؤرق الأندية وخصوصاً أن معظم التزامات الأندية عبارة عن مبالغ لعقود لاعبين ورواتب متأخرة ومستحقات أندية، وهذه الديون ليست كأي ديون لأن تبعاتها سيئة، فالوضع قد يتطور ويعرض الأندية لقرارات صارمة من الفيفا والتي سوف تؤثر على مسيرتها في المنافسات المحلية والخارجية، وربما تهددها بالهبوط إلى الدرجات الأدنى أو تحرمها من البطولات والمراكز المتقدمة في الدوري المحلي، وفي اعتقادي أن أفضل معالجة للديون وحماية الأندية هو منحها قروضاً من وزارة الرياضة لسداد جميع الالتزامات على أن تسدد القروض على شكل أقساط سنوية.