تسمع بالانتقاد، تسمع أن فلاناً انتقده أحدهم لشىء ما، وأن فلانة انتقدتها أخرى لسببٍ ما. قد ينتقَد فنُّ الرسّام، وبلاغة الخطيب، وشعر الشاعر. قد ينتقَد أسلوب المذيع، أو عمل الموظف، أو تصميم المصمم. إذا سمعتَ بها لم تعنِ لك شيئاً كثيراً. لكنها لهم تعني الكثير. الإنسان لا يتأثر كثيراً إلا إذا كان لنفسه نصيب من الأمر. من يسمع بُشرى لغيره فلن يفرح كما يفرح ببشرى لنفسه. من يسمع تجريحاً فلن يتضايق بنفس قدر ضيقه بهجوم عليه. طبّق العلماء تجربة أثبتت أن الإنسان لا يتأثر بتصرفات مليون إنسان، ولكن يتأثر بتصرف شخص واحد يراه بنفسه. هذه التجربة مصداق أن الخبر ليس كالمعاينة، والناس لا يتأثرون أو يتعلمون من الإحصائيات والعموميات. مثل: لو قلتَ لشخص أن عدداً كبيراً من الناس لن يساعدوا شخصاً يحتاج المساعدة لأنهم يظنون أن غيرهم سيهب للمساعدة.. فلن يصدق. لكن لو أريته بعينيه شخصاً أو شخصين وأخبرته أنهما لم يقوما للمساعدة فسيصدق، ومن ثم يستنتج أن الكثير من الناس سيفعلون نفس الشيء. لا يرغب الناس أن يطبقوا الحقائق العامة على الحالات الفردية، لكنهم فوراً يستطيعون تعميم الحالات الفردية على عامة الناس. حتى لو صدّق الناس إحصائية أو معلومة عامة فلن يؤثر هذا على تصرفاتهم ولن يغير قناعاتهم السابقة القديمة أو قناعات من تجربة شخصية. يمكن للعقل أن يصدق الشيء لكن القلب لا يصدق. مثلاً: يسمع أحد الغربيين أن العرب كريمون. يصدقها وينقلها لأصدقائه. لكنها لن تغير نظرته فعلاً للعرب أو تصرفه معهم، بل إذا رأى شخصاً عربياً واحداً يستضيفه ويكرمه إكراماً شديداً حينها يتغير التصرف والتفكير. هذه المعلومات صارت من أسس الإقناع، فإذا أردت إقناع شخص فلا تكتفِ بالمعلومات المجردة -وإن كانت صادقة وقائمة على مصادر موثوقة- بل إن استطعت أن تري عينيه أو تُسمِع أذنيه الشيء المطلوب إقناعه به فهذا أقوى بكثير.