لا شك بأن التعليم هو قنطرة التقدم والازدهار للأمم والشعوب، وكل تاريخ التحولات والتطورات الكبرى في كل العالم تقاطعت بشكل كبير مع حقيقة المجتمع المعرفي الذي يصنعه التعليم بمختلف أشكاله ومستوياته، ويُعدّ قطاع التعليم في المملكة أحد أهم مرتكزات "رؤية المملكة 2030"، والتي وضعت الأهداف والاستراتيجيات الكبرى المحفزة لتعليم وطني متطور ومتقدم يتناسب مع قيمة ومكانة المملكة في خريطة الدول المتقدمة في العالم، تعليمنا الوطني في رؤيتنا الطموحة يحتل مساحة ومكانة كبيرة للوصول إلى الهدف الأول والأهم وهو بناء أجيال واعدة ذات شخصية متوازنة تملك العلم والمعرفة والوعي والشغف والخلق. ويحظى قطاع التعليم الوطني الذي يُعدّ الأضخم بين القطاعات الأخرى بدعم لا محدود من قادة الوطن على مر التاريخ، إيماناً منهم بقيمة وتأثير التعليم في تطور وتقدم الوطن، وقد مر تعليمنا الوطني بالكثير من المحطات والتحوّلات، وكان محور التطوير والإصلاح هو الهاجس الملحّ الذي رافقه الكثير من التحديات والمواجهات. القرارات الأخيرة التي أعلنها وزير التعليم، والتي كشفت أهم الملامح الجديدة لتعليمنا الوطني في العام المقبل والذي سيكون حضورياً، طالت بعض التفاصيل في شكل المنظومة التعليمية، بحيث سيُقسّم العام الدراسي على "ثلاثة فصول دراسية" مدة كل فصل 13 أسبوعاً، وذلك بهدف "زيادة الأيام الدراسية"، كما تم إضافة "مواد دراسية جديدة" بهدف كسب الطلاب بعض المهارات والمعارف الجديدة والضرورية في التفكير النقدي والمهارات الرقمية والدفاع عن النفس، وإضافة "مادة اللغة الإنجليزية في الصف الأول الابتدائي"، كذلك "إلغاء السنة التحضيرية في الجامعات السعودية". تلك كانت أهم ملامح القرارات الأخيرة التي تُمثّل المرحلة الأولى من رحلة التطوير المستمرة للتعليم والتي يُشارك فيها الجميع، كما صرّح بذلك وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ. التعليم هو أحد أهم مداميك التنمية والنهضة لكل الأمم والشعوب، والتاريخ البعيد والقريب يؤكد ذلك جيداً، والتعليم كقطاع ديناميكي ومتجدد، يحتاج لعمليات إصلاح حقيقي وتغيير مستمر، سواء كان شكلياً أو جوهرياً، القرارات الأخيرة في أغلبها لامست شكل ومدة المنظومة التعليمية، وهي إصلاحات تحتاج إلى بعض الوقت لاختبارها وكشف جدواها، ولكن تعليمنا الوطني الذي يُواجه الكثير من المعوقات والتحديات، يحتاج لإصلاحات حقيقية وعميقة، تطال جوهر العملية التعليمية المتمثلة بالمدرسة والإدارة والمنهج والطالب والمعلم والتقنية المدرسية الحديثة. تعليمنا الوطني بحاجة ماسة لمقاربة العديد من الأولويات الضرورية التي تُعيد للعملية التعليمية قيمتها ومكانتها، تعليمنا الوطني بحاجة لإصلاحات جوهرية تُعيد الاعتبار لقيمة ومكانة المدرسة والمعلم والطالب والإدارة والمنهج والبيئة الجاذبة والرياضة المدرسية والمسرح المدرسي والكثير من التفاصيل الجوهرية الحقيقية.