من الصوالين الثقافية التي لن ينساها المثقفون صالون الاثنينية الثقافي بجدة للأديب عبدالمقصود محمد سعيد عبدالمقصود خوجة، الذي أصبح طريح الفراش يصارع المرض منذ زمن طويل، ولن ينسى الجمهور هذا الرجل الذي أسس الاثنينية التي سميت باسمه وخدمت مئات المثقفين على مدى عقود طويلة وعبدالمقصود خوجة -شفاه الله- من مواليد مكةالمكرمة درس الابتدائي وجزء من الثانوي بمدارس الفلاح ومن ثم أكمل تعليمه بالمعهد العربي الإسلامي بدمشق، ومن الأعمال التي تقلدها عبدالمحسن القحطاني: ارتبط اسمه مع الاثنينية مندوباً من الديوان الملكي لدى المفوضية السعودية ببيروت ثم مديراً للمكتب الصحفي بعد أن أصبحت سفارة 1375 - 1377ه ثم تقلد عدة مناصب في المجال الإذاعي والصحفي واتجه بعد التقاعد من العمل الحكومي إلى الأعمال الحرة حيث أسس عدة شركات في مجال أعمال البناء والمقاولات والصناعة. محمد قدس: لم يغب عن ذاكرة الثقافة اثنينية عبدالمقصود خوجة لشغف عبدالمقصود بالثقافة والأدب أسس منتدى الاثنينية الأدبية العام 1403 الذي يقام مساء كل اثنين بداره بجدة ويحضره جمع من رجال الفكر والصحافة والأدب من داخل المملكة وخارجها، وقد نشرت فعاليات الاثنينية في اثنين وعشرين جزءاً 1403 - 1426ه.. كما نشرت ستة وأربعين عنواناً في ستة وتسعين مجلداً لكبار الأدباء والشعراء تحت مسمى "كتاب الاثنينية". وعلى الجانب الآخر استضافت الاثنينية على امتداد مشوارها في الاحتفاء بالمثقفين والمفكرين داخل وخارج المملكة منحته رابطة الأدب الحديث بالقاهرة الزمالة الفخرية تقديراً لجهوده في رعاية الحركة الأدبية والفكرية في المملكة، وتم تكريم الاثنينية كمؤسسة ثقافية من قبل وزارة الإعلام العام "2010". ومن الذين عاصروا عبدالمقصود خوجة واثنينيته الأديب الدكتور عبدالمحسن فراج القحطاني الذي تحدث عن عبدالمقصود خوجة واثنينيته خلال مشاركته في ندوة عن عبدالمقصود خوجة أقامها منتدى جسور، حيث قال: الأستاذ عبدالمقصود خوجة كلكم شركاء فيه وتعرفونه جيداً، دعوني أقول لكم إنني لم أعرف عبدالمقصود خوجة منفردا وإنما رأيته مع الاثنينية فكأنهما خلقا عندي في مرة واحدة فالصورة التي التقطها هي صورة الاثنينية مع صورة عبدالمقصود خوجة فإن حضر حضرت الاثنينية وإن حضرت الاثنينية استدعته، فاسمحوا لي لو اختلط الكلام بين عبدالمقصود واثنينيته لأنه قبل ذلك كان في الإعلام وأنتم تعرفون سيرته موجودة في (جسور) التي كرمته، عبدالمقصود خوجة جاء إلى جدة وقد كان قبل ذلك موظفا في الإعلام وتاجرا ونحن لم نبحث عن هذا المجال أبدا لكن نبحث من هو عبدالمقصود خوجة الرمز الثقافي ومتى كان، قبل "1403" لا أعرف عنه شيئا وإنما سمعت أن هناك مجتمعاً أدبياً في دار رجل يقال له عبدالمقصود خوجة، فذهبت إلى هذا المكان وحينما حضرت كان الشاعر فاروق جويده فعلقت على دواوينه وكان بما يشبه النقد ليست ليلة تكريميه فظننت أن عبدالمقصود خوجة لن يعجبه ذلك فإذا به يقوم ويأتي بجواري ويقول أرجوك يا دكتور حافظ على الحضور، فقلت أبشر أنا جئت من دون دعوة فكيف وقد كانت الدعوة، إذا عبدالمقصود خوجة في اثنينيته بدأ يبرز للعيان بل إنه شخصية جاءت إلى جدة بأخرى عن أكثر الساكنين فيها وأنا منهم إذ لي أكثر من "45" عاما وأنا في جدة عبدالمقصود خوجة جاء العام "1402" إلى الآن "37" سنة لكنه جاء وأصبح علامة فارقة في جدة، الكل يعرف بفعل ما قام به للاثنينية، عبدالمقصود رجل رزق كاريزما معينة واضحة بل طاغية ورزق كذلك أناقه في ذاته وفي بيته وفي مشيته حتى في عصاه في كلامه وكان كلامه الأنيق دائما تسيطر عليه مفردة موجودة في حياته حتى إنه دائما إذا رأى ضيفا من الضيوف وأراد أن يعرفه بي قال أتعرف هذا إن هذا البدوي الأنيق وأصبح يكررها على كل المدعوين من كبار القوم ومن الأمراء ومن السفراء ومن المفكرين والمبدعين، وأنا أرى وجوها كرمت في الاثنينية، والتي مرّت بمراحل، أولا كان في فلة صغيرة وبعدها انتقل إلى بيته العامر الكبير، أول ما بدأت كانت تفصح المجال للمتحدثين يقولون كلمات في المحتفى به ثم بعد ذلك جعلوا المحتفى هو المتحدث، فإذا عبدالمقصود عشق الاثنينية كان محبا لها ومحتفيا بروادها ومزهوا بالمكرمين فيها فكان أغلب الحاضرين ممتنا لذلك ولما يصنعه في هذه الاثنينية، وعبدالمقصود منذ قدم إلى جدة وهو مكي المولد والنشأة لكنه أقام في الرياض كثيراً، وحينما جاء إلى جدة بدأت الاثنينية تنفتح على العالم العربي والعالم الإسلامي، وبدأت تتبختر على الجميع لأنها من أكبر الصوالين الأدبية تأثيرا في عالمنا العربي والإسلامي، إذا ماذا حدث لعبدالمقصود خوجة.. أنهالت عليه الجمعيات والعضويات والرئاسات كلها اعترافا بالجانب الثقافي وأكثر من "55" جمعية وعضوية اشترك فيها ثم كأنه يقول ستكون المتحدث الرئيس عن المثقفين فتحدث أمام الملوك وأولياء العهد وأمراء المناطق ينقل نبض المثقف ويتحسس أمانيه ويطرح مايطلبه المثقفون، فلم يكن مادحا وإنما مؤدبا كيف يخاطب الملوك لكنه يطالبهم بما يؤمل أن يصنع للمثقفين، هذه الاثنينية هو يزفها وهي ترفعه هو يسوقها وهي تمده ثم بعد ذلك ارتكز على خمس مبادئ : إنها لا تتدخل في السياسة ولا في الدين ولا في التمذهب ولا العنصرية ولا تصفية الحسابات ويرددها من حين إلى آخر ولذا كرمت أكثر من "530" عالما ومفكرا وأديبا هذا التكريم، والذي حدث للاثنينية أنها انتشرت بمقالات وكتابات ولقاءات تلفزيونية. بعد أن أنجز هذا تلفت لقضية مهمة جدا وهي طباعة أعمال الرواد من الأدباء والمبدعين والمفكرين، تصدق ونحن أساتذة في الجامعة تعرض علينا رسائل علمية أن أكثرها يعتمد على إصدارات الاثنينية، لأن المكرم يقول كلاما قد يكون لأول مرة لم يقله قبل سيرة ذاتية قالها هذا اليوم، ولأن الحديث عنه كذلك قيل لأول مرة فإذا الباحث سيجد معلومة جيدة يتكئ عليها وأنا ناقشت أكثر من رسالة أجد في ثبت المصادر الاعتماد على هذه المطبوعات، ولكني سأقف عند ثلاث رسائل، فالأولى أرسلها للملك عبدالله -رحمه الله-، والثانية من ملك المغرب محمد السادس، والثالثة رسالة أدبية من غازي القصيبي، لكن الملفت فيها كتب الأخ العزيز وزارة الثقافة في شخص، عبدالمقصود يملك مكتبه كبيرة جداً وفيها مخطوطات ومع ذلك أهدى هيئة السياحة والآثار تسعة مخطوطات عمرها أكثر من "500" عام. الاثنينية تاريخ حافل بالوفاء أيضا من المعاصرين لاثنينية خوجة الأستاذ القاص محمد علي قدس الذي قال: ستظل (اثنينية عبدالمقصود خوجة) في تاريخنا الأدبي، منذ العام "1403"، صالونا أدبيا ترسخ في أذهان الأدباء والمثقفين في بلادنا والعالم العربي، على مدى أكثر من ثلاثين عاما، واحتفت أول ما احتفت بتكريم أدبائنا الرواد الأعلام، وسعى صاحبها الأستاذ عبدالمقصود خوجة متعه الله بالصحة والعافية وسعى جاهدا لتكريس رسالة اثنينية، وفق نهج تكريم يليق بالأدباء والعلماء والمفكرين المميزين والبارزين، في وقت ندر فيه تكريم من جاهدوا بأقلامهم، واجتهدوا في بحوثهم وإبداعهم، ومبادراته في تكريم أدبائنا والوفاء لهم، وبلاشك أن غياب صاحب الاثنينية عن أمسياتها أفقدها الكثير من بريقها، وهو الذي حرص على أن تكون مؤسسة يديرها فريق، يتناوب على رعايتها من وقفوا معه وساهموا في مسيرتها، وهم الذين ما زالوا مستمرين في عطائهم لها والذين يشكلون حضورها، الذي أخذ يتناقص، ومما لا شك فيه أن الاثنينية وإن بقيت في مسيرتها، وليتها لسبب الظروف تعود لسيرتها الأولى بلقاء شهري، أو نصف شهري، حتى يكون لها نفس الحضور الذي اكتسبته في بداياتها. إن تاريخ اثنينية الأستاذ عبدالمقصود خوجة لها تاريخها العريق وإنجازاتها التي لا بد أن يخلدها التاريخ. وقد أصبحت ندوة أدبية مختلفة العطاء والإنتاج، وقد جلس على مقعد تكريم الاثنينية الأدباء والعلماء والمفكرون الأعلام في بلادنا والعالمين العربي والإسلام، وقد حلم كل أديب أو عالم بارز في أرض المعمورة، أن يكون له ذلك المقعد في يوم تكرمه بالاثنينية. اثنينية عبدالمقصود خوجة على مدى نحو ثلاثة عقود ونيف كُرمت فيها أدباء المملكة والعالم بما فيهم أدباء الرعيل الأول، حيث احتضنت الاثنينية في موسم منتظم تكريم عدد من الأدباء، وسعت جاهدة بدعم وحماس صاحبها الأديب عبدالمقصود خوجه -متعه الله- بالصحة والعافية، لتكريس رسالتها الثقافية، وفق نهج يقوم على الوفاء والتقدير، لأدبائنا وعلمائنا، في زمن أصبح فيه تكريم من جاهدوا بأقلامهم، واجتهدوا في بحوثهم وإبداعهم نادرا. غاب خوجة عن لكنه لم يغب مُطلقاً عن ذاكرة المشهد الثقافي وعن محبيه من مثقفين وأصدقاء، فما زال عطر اثنينيته يجوب سماء الثقافة، وما زال في قلوب ضيوفه ومحبي الأدب. محمد علي قدس د. عبدالمحسن القحطاني محمد خضر وعبدالمقصود خوجة والقنصل الألماني في الاثنينية (1423ه)