اشتهرت منطقة عسير منذ مئات السنين بإنتاج أجود أنواع العسل، اعتماداً على تنوعها المناخي والجغرافي ووجود مئات الأشجار والشجيرات التي يستخلص النحل من رحيق زهورها العسل ذا القيمة الغذائية العالية. وفي إطار احتفال العالم باليوم العالمي للنحل ( 20 مايو من كل عام) الذي أقرته منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" لتعزيز التدابير الرامية إلى حماية النحل والملقحات الأخرى، مما سيسهم في حل المشكلات المتعلقة بإمدادات الغذاء العالمية، تبرز أهمية منطقة عسير كمنتج مهم للعسل الطبيعي ، حيث تعد مهنة تربية النحل وإنتاج العسل من أبرز المهن الزراعية في المنطقة منذ عصور قديمة. تمثل قمم الجبال "سراة عسير" مكانًا مميزًا لتربية النحل في فصل الصيف؛ نظرًا لهطول الأمطار واعتدال الأجواء بما ينعكس على كثافة الأشجار المزهرة وتنوعها، أما في في فصل الشتاء فينقل مربو النحل في عسير خلاياهم من قمم الجبال إلى السهول التهامية؛ تحقيقًا للتوازن البيئي وحفاظًا على النحل من تغير الأجواء، إضافة إلى توفير بيئة مناسبة لإنتاج كميات أكثر من العسل، لتوفر أنواع معينة من الأشجار التي تتميز بها المنطقة مثل " الطلح "و "الضرم" و "الطباق" و "الشرم" و"السحاء"، إضافة إلى "السمر" و "السلم" السدر" و "الضهيان" و"السيال"، وذلك باختلاف طبيعة هذه الأشجار وبيئتها المتنوعة ما بين الجبل والسهل. وتحظى مهنة تربية النحل وإنتاج العسل باهتمام حكومي كبير من خلال إطلاق مشروعات عديدة لتأهيل مربي النحل مثل مشروع "دراسات بناء وتعزيز القدرات الوطنية من خلال تأهيل الشباب السعودي لامتهان حرفة تربية النحل وإنتاج منتجاته"؛ لنشر وتعزيز ثقافة تربية النحل في المملكة ضمن برامج تنمية القدرات البشرية في رؤية المملكة 2030، وذلك مواكبة لمتطلبات التنمية، واحتياجات سوق العمل. ولما لتربية النحل وإنتاج العسل من أهمية في التوازن البيئي والاكتفاء الذاتي من منتجات العسل، إضافة إلى تحقيق فرص عمل للشباب السعودي، وتميز منطقة عسير ببيئة خصبة لذلك، أنشأت جامعة الملك خالد في عسير وحدة خاصة بأبحاث النحل وإنتاج العسل، وذلك لتفعيل دور الجامعة العلمي في هذا الجانب، حيث مكنت الوحدة العديد من مربي النحل من الوسائل والطرق العلمية الحديثة التي من شأنها تجويد مهنة تربية النحل وإنتاج العسل. بدأت "وحدة أبحاث النحل وإنتاج العسل" عملها الفعلي بإطلاق عدد من البرامج والمبادرات منها مشروع "علامة التميز"؛ تزامناً مع ازدهار صناعة تربية النحل في المملكة، وبداية التسويق الاحترافي لمنتجات النحل وتميز المنطقة بأصناف نادرة وجودة عالية، يقابلها الغش الشائع في العسل الذي يعد من أبرز التحديات التي تواجه النحالين والمسوقين الوطنيين، حيث ابتكرت الجامعة من خلال الوحدة مشروع علامة التميز، بالإضافة إلى "مشروع تحديد معايير العسل بمنطقة عسير"، الهادف إلى تصميم خارطة للنباتات العاسلة بمنطقة عسير، إضافة إلى عمل أطلس لحبوب اللقاح للنباتات العاسلة، وتحديد الأصول النباتية لعسل النحل، وتحديد مستوى المواصفات الفيزيائية و الكيميائية المتفق عليها عالمياً، كذلك تحديد المواصفات الكيميائية و الفيزيائية لشمع وسم النحل بمناطق عسير. وتحتوي وحدة أبحاث النحل على عدة مختبرات خاصة بإجراء التحاليل المختلفة لقياس جودة العسل ومنتجات النحل الأخرى، مزودة بأجهزة حديثة منها جهاز HPLC و جهاز قياس درجة لون العسل، كذلك يوجد مختبر لتشخيص أمراض النحل وهو مزود بحاضنة لعمليات تحضين النحل لحين فحصه كما يحتوي على عدد من الميكروسكوبات ووحدة تصوير ميكروسكوبية خاصة لتصوير المسببات المرضية الدقيقة وتشخيص الأمراض، أما "مختبر إنتاج سم النحل" فيحتوي على جهاز لتجميع سم النحل من الطوائف عن طريق النبضات الكهربائية ثم تتم دراسته بعدة طرق علمية. وتشهد منطقة عسير تعاوناً وتكاملاً لافتاً بين جهات الاختصاص بتربية النحل مثل: وزارة البيئة والمياه والزراعة، والجمعية التعاونية للنحالين، بالإضافة إلى وحدة أبحاث النحل، وأرامكو السعودية، لتقديم الدعم لمربي النحل وتعزيز ثقافة تربية النحل لدى الشباب السعودي. وتتنوع طرق تربية النحل وإنتاج العسل بين الهواية والأغراض التجارية ، فبعض هواة تربية النحل يُنشئون مناحل خاصة في الحدائق الخلفية للمنازل وفي الاستراحات أو بالقرب من المنازل أو في المزارع، ويفضلون سلالات نحل هادئة تستطيع التأقلم مع الحيز والنباتات المزهرة المنتشرة في الموقع المحيط بها ، أما المناحل التجارية فيختلف مكانها تبعاً للغرض من إنشائها، فقد تكون عامة أو متخصصة في إنتاج العسل وشمع النحل وطرود النحل و غذاء ملكات النحل.