لا شك عندي أن شركة البترول البريطانية (BP) كانت واحدة من - إن لم تكن - أكبر وأقدم شركات البترول في العالم. وبالتالي فإن خبرتها العريقة وتجربتها الطويلة في صناعة البترول تُؤهلها أن تكون من أكثر الجهات المتخصصة معرفة بخبايا البترول. لكن للأسف الشركة البريطانية العريقة - رغم عراقتها - لا تلتزم أحياناً بالحيادية في منهجيتها بل يبدو أن لها توجهاتها الخاصة. في تقريرها الصادر في 14 سبتمبر 2020 (قبل 8 شهور) فاجأت الشركة العالم بقولها إن الطلب على البترول ربما قد بلغ ذروته (peaked) العام 2019 ولن يعود إلى مستواه قبل الجائحة نحو 100 مليون برميل في اليوم. الآن العالم ينتظر المفاجأة المذهلة التي قد تعلنها الشركة في مؤتمرها السنوي لمدة ثلاثة أيام من 1 الى 3 يونيو (بعد أسبوعين) بعنوان: صناعة الطاقة في تحول إلى صافي صفر (Net-Zero Transition). لقد جاءت بعض التفاصيل للموضوعات التي سيتم طرحها في المؤتمر في نشرة World Oil بتاريخ 6 مايو (قبل 10 أيام) فقالت: سيتحدث في اليوم الأول الرئيس التنفيذي للشركة بيرنارد لووني وكذلك سيتحدث بعض البارزين في الشركة عن تصوراتهم لطبيعة التغيرات في صناعة البترول والغاز البريطانية في أعماق البحر. كذلك سيتحدث مايك تولين -مدير الاستدامة في صناعة البترول والغاز البريطانية- عن الاتفاق الابتكاري الرائد (groundbreaking) في مارس مع الحكومة لتحويل بحر الشمال إلى فُرص خارقة غير مسبوقة مع اقتراب عقد مؤتمر الأطراف 26 للمناخ (COP-26) في بريطانيا بعد خمسة شهور في نوفمبر 2021. الجدير بالذكر أنه بعد أسبوعين في منتصف يونيو ستصدر الإحصائية السنوية رقم 70 الشهيرة للشركة البريطانية. تحتوي كعادتها منذ سبعين سنة على بيانات ومعلومات شاملة ومبسطة لجميع مصادر الطاقة وأماكن وجودها واحتياطاتها ومعدلات إنتاجها وأسعارها وفق تقديرات الشركة. الواضح أن المركز الاستشاري البريطاني وود مكنزي في تقريره الصادر في 15 أبريل 2021 الذي يتوقع أن سعر البترول قد ينخفض إلى 10 دولارات للبرميل، وأن الطلب على البترول سينخفض إلى 30 مليون برميل العام 2050 يعتمد في توقعاته على تقرير الشركة البريطانية الذي يقول إن الطلب العالمي على البترول قد بلغ ذروته العام 2019 ولن يعود إلى مستواه قبل الجائحة. بل سيبدأ الانخفاض التدريجي سنة بعد سنة إلى أن يبلغ 28 مليون برميل العام 2050. ليس من الواضح إذا كانت الشركة البريطانية ستناقش التطورات الجديدة في تكنولوجيا الاقتصاد الدائري للكربون. فالذي يبدو أن الاتجاه العام للشركة هو التحول إلى مصادر الطاقة البديلة للبترول لفقدانها الأمل أن تكتشف احتياطات هيدروكربونية جديدة بتكاليف إنتاج تنافسية في بحر الشمال. كذلك لعدم قُدرتها للحصول على امتيازات إنتاج البترول في العالم حيث الأولوية للشركات الوطنية والشركات المستقلة التي تقنع بالربح المعقول.