مشكلتنا مع القطاع الخاص، حينما يأتي الحديث عن دوره في التوظيف والاستثمار، تتمثل في الطريقة التي بني بها، أو بالأصح تشكل من خلالها ذلك القطاع. فهو قطاع يتكون في أغلبه من منشآت صغيرة ومتناهية الصغر، ويتركز في مجالين رئيسن هما: التجارة استيراداً وتوزيعاً، والإنشاءات أو المقاولات كي نكون أكثر دقة. قطاع خاص بهذه المواصفات يعاني من عدم قدرته على المساهمة في توظيف المواطنين بالقدر المطلوب، وذلك لطبيعة هذه الأعمال من ناحية، حيث لا تحتاج إلاّ أصحاب التعليم المتدني والمهارات المحدودة المضطرين لقبول الرواتب المتواضعة، ثم إن مجالاته هذه من ناحية أخرى مجالات غير قادرة على ضخ الاستثمارات الضخمة التي يحتاجها أي اقتصاد ينشد النمو والمنافسة، كما هو حال اقتصادنا، دع عنك الأموال الطائلة لدى العديد من رجال الأعمال والأسر التجارية، فهي في غالبها أموال تكدست أوقات الطفرة من تجارة العقار والمخططات والأراضي البيضاء. لذا، إذا أردنا أن يتماشى ذلك القطاع مع قوة اقتصادنا وسمعته العالمية، وأن يسهم في توظيف أبناء وبنات الوطن في وظائف تليق بهم، وتمكنهم من العيش بمستوى دخل معقول، علينا أن نعمل على إعادة بناء ذلك القطاع ليكون بالحجم والقوة والمنافسة التي نريد. وحيث أن ذلك يتطلب العديد من الشركات الكبيرة والدخول في مجالات متنوعة ومتعددة بل وجديدة، مما قد يتردد في اقتحامه المستثمر ورجل الأعمال، فإن دخول صندوق الاستثمارات العامة في هذه المرحلة كي يسهم في تحقيق ذلك التوجه هو الأمر الأنسب. لذا فإن استراتيجية الصندوق لضخ العديد من المليارات واستثمارها داخل المملكة هو المسار الصحيح، ولكن هذا يتطلب أن يدرك الصندوق والقائمون عليه هذا البعد لدور الصندوق دون الاكتفاء والنظر فقط للعائد الاستثماري الذي يجنيه الصندوق. فتنوع استثمارات الصندوق وخلق مجالات جديدة والدفع بالقطاع الخاص للمساهمة والدخول في تلك المجالات من خلال المشاركة والذهاب إلى مناطق خلاف المناطق الرئيسة الثلاث، أمر يجب أن يكون ضمن فلسفة الصندوق وطريقة إدارته لاستثماراته الداخلية، كي يسهم في خلق القطاع الخاص الذي نطمح إليه في مستقبل أيامنا.