على ضفاف الأنهار في جزيرة إيرلندا يعيش عدد من أبنائنا الطلاب رحلة الابتعاث بحثا عن العلم وصقلا لمعارفهم وقدراتهم في المجالات والتخصصات المختلفة. ومع حلول شهر رمضان المبارك يزداد حنين هؤلاء المبتعثين كغيرهم من أبناء المملكة المغتربين إلى اجتماع الأهل والحنين إلى العادات خلال الشهر الكريم على أرض الوطن. ريما منشي طالبة الدكتوراة في تخصص الصيدلة بجامعة ترينتي في العاصمة دبلن، تتحدث عن رحلة الدراسة في الغربة، واصفة إياها بالتجربة الثرية التي استفادت منها الكثير ليس فقط على المستوى التعليمي، بل في جميع أمور الحياة. وتقول عن شهر الصيام: إن العلاقات المجتمعية محدودة جدا في إيرلندا بحكم الإجراءات الاحترازية بسبب جائحة كورونا، فأنا ووالدتي نعيش وحيدتين في مقر السكن، وإفطارنا بسيط لكن عزاءنا هنا أن إخوتي في المملكة يشاركونا عبر الاتصال المرئي ويشاهدون استعداداتنا للإفطار. وفي جامعة إيرلندا الوطنية بمدينة غالواي، تصف طالبة البكالوريوس في الطب والجراحة رزان الخباز "رمضان الابتعاث" بالتجربة الاستثنائية على جميع الأصعدة, وتضيف بأن أول رمضان لها كان العام الماضي في فترة حظر شامل في إيرلندا حيث واجهت العديد من التحديات ومنها تغيير السكن المفاجئ. وتبين أن وقت الصيام في إيرلندا طويل جدا حيث تستغرق مدته نحو 18 ساعة تقريبا لكن العائلة الإيرلندية التي انتقلت للسكن معها هي وزميلتان أخريان كانت متفهمة للمعتقدات والاختلافات وتوفر لهن أجواء رمضان على قدر الإمكانيات المتاحة لها في هذه الأوقات الصعبة من الجائحة.واستذكرت رزان في حنينها إلى الوطن، قرارات المملكة وتعاملها بشكل احترافي مع الجائحة، قائلة "كل يوم يمر نتمنى فيه العودة إلى الوطن كي نشعر بالأمان حيث كانت فترة مربكة جدًا لنا كمبتعثين، وكنّا ننتظر خطة الإجلاء بفارغ الصبر". وتحدثت عن عزيمتها وطموحها عندما تحولت الدراسة عن بعد حينها زاد وقت الفراغ لديها بسبب عدم المقدرة على مغادرة المنزل، وكان ذلك دافعا بأن تسخر جل وقتها للمذاكرة، وأن تنهي أيام الجائحة العصيبة بشيء إيجابي وهو التفوق في مجال دراستها. من ناحيتها، قالت الطالبة نواظر اللحيدان بمعهد اللغة الإنجليزية في جامعة UCC بمدينة كورك إن طموحها تعلم اللغة الإنجليزية وإكمال الدراسة في تخصص الفن التشكيلي, مضيفة أن هذا ثاني رمضان تصومه بعيداً عن أهلها و زوجها وذلك ليس بالسهل عليها نفسياً أو جسدياً. وأوضحت أنها تحاول جاهدة أن توفر لنفسها وأبنائها كل ما تحتاجه من استعداد لاستقبال الشهر الفضيل بداية من الديكورات الرمضانية و نهاية بالسفرة الشهية واللذيذة. وأشارت إلى أنه بحكم أن الجائحة لم تنته بعد و الحظر لايزال مستمراً، فإن ذلك يمنعها أيضا من التواصل و مقابلة الأصدقاء و الجيران، لكنها استطاعت في نفس الوقت توفير الجو الروحاني و الرمضاني في البيت لأبنائها حيث قامت بتقسيم المهام اليومية من طبخ و ترتيب لسفرة الفطور و إعداد المسابقات العلمية و الدينية و الحرص على الصلاة جماعة للفروض و التراويح و الاستماع لإذاعة القرأن و صلاة التراويح من المسجد الحرام والتواصل مع الأهل عبر شبكات التواصل الاجتماعي، عادة تلك الأمور بأن لها دورا كبيرا في تخفيف البعد والغربة عن الوطن. وتقدمت اللحيدان بالشكر لنادي الطلبة السعوديين في إيرلندا على جهودهم في تسهيل الصعوبات في الشهر الكريم ورحابة صدورهم لاستفساراتهم و إقامة اللقاءات المثرية و المسابقات الممتعة للكبار والصغار. فايز الدالي مشرف الأنشطة الاجتماعية في النادي السعودي في إيرلندا يتناول يومياته في شهر الصوم، حيث يستيقظ صباحا للدراسة ومن ثم قضاء مهامه الاجتماعية كعضو في نادي الطلبة السعوديين. ويقول "مابين هذا و ذاك أتفرغ للعبادة و اغتنام الشهر الكريم بقراءة ما تيسر من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، إلى أن تُقضى ساعات النهار الطويلة التي نسأل الله فيها القبول، ثم يبدأ ليلنا القصير الذي تُقضى أوائل ساعاته بالإفطار و الاسترخاء حتى ما قبل صلاة العشاء فهو وقت نوم الأطفال فيعِم الهدوء و تنزل السكينة وبذلك نبدأ صلاة العشاء والتراويح التي في نهايتها يكون انتهاء يومنا و نخلد إلى النوم الذي لا يدوم إلا سويعات يسيرة حتى نستيقظ للسحور ومن ثم صلاة الفجر و نعود للنوم ساعتين حتى نستيقظ من جديد ليوم جديد".