واحد من الأخبار السارة، التي ذكرها سمو ولي العهد في لقائه الأخير، التوجه أن يستثمر صندوق الاستثمارات العامة ما مجموعة 160 مليار ريال داخل المملكة هذا العام، قابلا للزيادة في الأعوام المقبلة. تأتي أهمية هذا القرار لدلالاته وآثاره الإيجابية الكثيرة. كانت هناك مطالبات سابقة من بعض المختصين والمهتمين بأن يوجه صندوق الاستثمارات جزءاً من أمواله للاستثمار في الداخل، وكانت تلك المطالبات لا تجد القبول الذي تستحقه، أو هو قبول على استحياء. ربما أن التردد في ذلك يأتي استجابة لما قد يقال إن ذلك يعتبر مزاحمة للقطاع الخاص، وأن المجال يجب أن يترك لذلك القطاع كي يستثمر من دون منافسة أو مزاحمة من الحكومة وأجهزتها. وهذا أمر لا أجد له ما يبرره، كما أشرت في مقال سابق إلى ما ذكرته إلى أحد رجال الأعمال المتحمسين لمثل هذا الطرح أو التبرير "اعتبروا الصندوق مستثمراً أجنبياً، ألسنا نطالب ونستحث الشركات الأجنبية والمستثمرين الأجانب بالاستثمار في بلادنا". تأتي أهمية هذه الاستراتيجية التي بدأ صندوق الاستثمارات العامة في اتباعها، من دورها في طمأنة المستثمر، محلياً كان أم أجنبياً، من قوة ومتانة الاقتصاد السعودي، وأن الاستثمار في مجالاته وأنشطته المتعددة فرصة تدعمها توجهات الدولة وسياساتها، وأهمها ما تحمله رؤية 2030 من فرص ومجالات واعدة. فإذا كانت الحكومة تستثمر أموالها داخل هذا الاقتصاد، وهي الحريصة على تلك الاستثمارات لدورها في تحقيق تطلعات وأهداف الرؤية، فإن الأحرى بغيرها أن يحذو حذوها. ثم أن هناك مجالات استثمارية قد لا يتحمس القطاع الخاص الدخول فيها، إما لخطورتها الاستثمارية أو لحاجتها لاستثمارات رأسمالية ضخمة تفوق قدرة القطاع الخاص، أو لطول سنوات عوائدها مما لا يحتمله القطاع الخاص، بالرغم من حاجة البلد إليها، مما يجعل الصندوق هو الجهة الأقدر على الدخول في تلك المجالات منفرداً أو مشاركاً للمستثمر المحلي أو الأجنبي. يضاف إلى ما سبق توجه الصندوق إلى طرح جزءاً من استثماراته للاكتتاب العام بعد أن يشتد عودها وتثبت نجاحها لإشراك المواطنين في قطاف تلك النجاحات، وهذا موضوع يستحق أن يفرد له حديث مستقل.