يجسد النادي الأدبي بالرياض تحويل الكتاب من قيمة معرفية ومادة للقراءة إلى طريقة مبتكرة لعمل الخير وإعادة تدوير للكتب عبر تحفيز القراء على الاقتناء ونشر الكتاب، فذلك ما تترجمه المبادرة السنوية للنادي والمتمثلة في معرض الكتاب الخيري. وأسدل النادي فصول آخر نسخه الرابعة عشرة مع نهاية أبريل الماضي، حيث أقيم المعرض محاطاً باشتراطات الإجراءات الاحترازية التي فرضتها أجواء كورونا، كما فرض غياب الأنشطة المصاحبة له في مقر النادي بحي الملز. يعتمد المعرض على تقديم عمل خيري انطلاقاً من مسؤوليته الاجتماعية، كما يقول رئيس مجلس النادي الأدبي بالرياض صالح المحمود، مشيراً إلى أن المعرض وعلى مدى الدورات الماضية ظلّ محافظاً على حضوره وألقه بفعل الدعم والتشجيع والتعاون الذي يلقاه من الناس الذين وجدوا في المعرض وسيلة مثالية لفعل الخير وإشباع نهمهم بالقراءة والاطلاع. وفيما يمزج النادي بين مسؤوليته الثقافية والمجتمعية، اكتفى هذا العام باحتواء قرابة عشرة آلاف كتاب متبرع به، ويبين المحمود أن الكتاب الخيري يمثّل مبادرة وطنية وثقافية مستمرة، هادفاً في سائر دوراته الممتدة والمستمرة خلال خمسة عشر عاما إلى ترسيخ قيمتين نبيلتين هما؛ عمل الخير بطريقة مبتكرة، ونشر الكتاب وتحفيز القراءة. ويتبع النادي آلية مخصصة في جذب المشاركين في المعرض، ويذكر المحمود أن النادي يستقبل التبرع بالكتب من الأفراد والجهات، ثم يعاد بيعها ويتم التبرع بكامل ريعها للجهات الخيرية، وتشكل دورته الرابعة عشرة استثنائية في استقطاب الكتب من دون مشاركة بعض دور النشر والمراكز الثقافية التي درج على استضافتها، إذ رأت إدارة النادي الاقتصار على المشاركات الفردية نظراً لما تمتلكه من فائض كبير من الكتب التي تبرع بها الناس في رمضان المنصرم ولم يستطع عرضها بسبب الوباء والحظر. واحتفظ المعرض باستمرارية إقامته خلال الخمس عشرة سنة الماضية في شهر رمضان المبارك، ولم يتوقف سوى في العام الماضي نظراً لظروف الحظر المصاحب لجائحة كورونا حسب رئيس النادي، مشيراً إلى تميز المعرض بإتاحته فرصة الشراء لكل من له رغبة في اقتناء الكتاب بأسعار رمزية ومناسبة للجميع، لافتاً إلى أن الكتب تتنوع في مجالاتها وموضوعاتها وتخصصاتها، وثمة كتب نادرة وموسوعات علمية ودراسات مختلفة. وإذا كان المعرض قد التزم بالإجراءات الاحترازية والصحية التي تكفل سلامة الزوار طوال فعالياته خلال الفترة من السادس من رمضان وحتى السابع عشر منه، إلا أنه كذلك تكفّل بإثبات قدرة النادي الأدبي على تنفيذ الأفكار المبتكرة وتجسيد التوءمة بين العملين الثقافي والخيري، حيث تجاوز ريع مبيعات المعرض أكثر من 20 ألف ريال حسب رئيس النادي، والتي تشكل إضافة مادية للجمعيات الخيرية التي ستسلمها إدارة النادي المبلغ لصرفه في شؤون مستفيديها. وجذب المعرض زواراً من مختلف الفئات العمرية التي استقطبتها عروض الكتب التي شكلت حافزاً للاقتناء، ورغم الهدوء الذي سيطر على ردهات النادي خلال إقامة الفعاليات إلا أن وفرة الكتب المعروضة رفعت العائد الخيري المرجو من وراء إقامة المعرض، فيما تضافرت جهود النادي على تهيئة الأجواء الصحية والآمنة للزوار وخلق تجربة ثقافية تحفّها الكتب وتزدان بالإصدارات الثقافية والعناوين الجذابة وحتى النادرة. ويشكل معرض الكتاب الخيري محور فعاليات ثقافية رمضانية تقام في النادي، حيث كانت تصاحبه الندوات والدورات في مختلف الفنون وتدشين الإصدارات الجديدة وأمسيات شعرية، علاوة على مشاركة الجهات الحكومية والجامعات وكراسي الأدب ودور النشر الكبرى، إضافة إلى إقامة أجنحة للعروض ومسرحيات، كما يشكل ملتقى للمثقفين والباحثين، ومحفزاً لاقتناء الكتب لرواد القراءة المبتدئين. النادي الأدبي بالرياض