بالرغم من خفض المملكة إنتاجها من النفط الخام بمقدار مليون برميل يومياً لثلاثة أشهر متتالية بدءا من فبراير الماضي كبادرة طوعية ضمن تحالف أوبك+ لخفض الإنتاج العالمي المشترك بهدف تعزيز توازن الأسواق والاقتصاد العالمي، إلا أن عملاق الطاقة، أكبر منتج ومصدر مستقل للنفط الخام والغاز في العالم، شركة الزيت العربية السعودية، "أرامكو السعودية" نجحت بتحقيق نتائج مالية وتشغيلية موفقة قوية للربع الأول من العام 2021، وصفتها أمس في إعلان نتائج الربع ب"المتميّزة جدًا" حيث "المستويات القوية" وتمكنها من تحقيق زيادة بنسبة 30% على أساس سنوي في صافي الدخل الذي بلغ 81.4 مليار ريال سعودي (21.7 مليار دولار أمريكي)، مقارنة ب62.5 مليار ريال سعودي (16.7 مليار دولار أمريكي) في الربع الأول من عام 2020. ويُعزى ذلك لوجود سوقٍ قوية للنفط الخام، وارتفاع هوامش أرباح التكرير والكيميائيات، ويقابله بشكلٍ جزئي انخفاض الإنتاج. وعزت الشركة تميز نتائجها إلى ارتفاع أسعار النفط وتحسُّن البيئة الاقتصادية في الشهور الثلاثة الأولى من عام 2021. وأعلنت أرامكو السعودية عن توزيعات أرباح بقيمة 70.3 مليار ريال سعودي (18.8 مليار دولار أميركي) ستدفعها خلال الربع الثاني من هذا العام. وبلغت التدفقات النقدية من الأعمال التشغيلية 99.3 مليار ريال سعودي (26.5 مليار دولار أميركي)، فيما بلغت التدفقات النقدية الحرة 68.5 مليار ريال سعودي (18.3 مليار دولار أميركي) في حين بلغ حجم النفقات الرأسمالية خلال الربع الأول 30.8 مليار ريال سعودي (8.2 مليارات دولار أميركي). وقد بقيت نسبة مديونية الشركة كما هي عند 23% في 31 مارس 2021 مقارنة مع 31 ديسمبر 2020. وتعليقًا على نتائج الربع الأول، قال رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين بن حسن الناصر: "بحمد الله أظهرت نتائجنا المالية والتشغيلية في الربع الأول من العام 2021 مستويات قوية ومتميّزة جدًا، وكانت انعكاسًا لتحسُّن البيئة التشغيلية ممثّلة في الاتجاهات الإيجابية التي تشهدها العديد من مناطق العالم نحو العودة التدريجية للتعافي الاقتصادي وتوازن أسواق النفط التي تأثرت بالجائحة"، مشيراً إلى أن النتائج عكست الالتزام الدؤوب من جانب موظفي الشركة وموظفاتها لتحقيق مستويات ممتازة من الكفاءة والابتكار والموثوقية. وقد أثبتت أرامكو السعودية أنها بالفعل المورّد المفضّل لعملائها. "وواصلنا تقديم توزيع الأرباح لمساهمينا". وأضاف الناصر "فخلال الربع الأول، حققنا، بفضل الله، مزيدًا من التقدم في جهودنا الرامية لتحقيق أهدافنا الاستراتيجية"، ملفتاً إلى برنامج تحسين محفظة الأعمال الذي تنفذه الشركة ويواصل تحديد فرص إيجاد القيمة، وقد تجلّى ذلك في صفقة استثمارية رائدة في البنية التحتية بقيمة 46.5 مليار ريال سعودي (12.4 مليار دولار أميركي) وهي صفقة خطوط أنابيب النفط "التي أعلنّا عنها مطلع الربع الثاني". ومن جانبٍ آخر، يحمل برنامج (شريك) في المملكة آفاقًا واعدة لإطلاق العنان أمام فرص جديدة في السوق المحلية ستُسهم، بإذن الله، في تعزيز موثوقية الشركة واستدامتها، وفي الوقت نفسه، سيكون لها تأثيرٌ إيجابيٌ على تطوير قدرات القطاع الخاص والبيئة الاستثمارية والاقتصادية في المملكة. وحول المؤشرات الإيجابية لمستويات الطلب على الطاقة لعام 2021، قال الناصر "فأنا متفائل بما يحمله المستقبل، ورغم أنه لا تزال هناك بعض التحديات، إلا أنه ومع بدء تعافي الاقتصاد العالمي، ستكون أرامكو السعودية على أهبّة الاستعداد لتلبية احتياجات العالم المتزايدة من الطاقة". موثوقية التسليم حافظت أرامكو السعودية على موثوقية أداء قطاع التنقيب والإنتاج فيها، حيث بلغ متوسط إجمالي إنتاج المواد الهيدروكربونية 11.5 مليون برميل مكافئ نفطي في اليوم خلال الربع الأول من عام 2021، منها 8.6 ملايين برميل في اليوم من النفط الخام. كما حافظت الشركة على سجلها الحافل والاستثنائي بوصفها أحد موردي الطاقة على مستوى العالم، إذ بلغت نسبة موثوقية تسليمها الشحنات للعملاء خلال الربع الأول 100%. وفي يناير، دخلت أرامكو السعودية في شراكة مع شركة الاتصالات السعودية، الشركة الرائدة في خدمات الاتصالات والتقنية، لإطلاق حاسوبٍ جديد فائق السرعة حمل اسم "الدمام7" يُعدّ من بين أقوى الحواسيب في العالم، بقدرة حوسبية فائقة الأداء تبلغ 55.4 بيتافلوب، الأمر الذي يتيح فرصًا جديدة في مجال التنقيب والتطوير، ويعزّز قدرات الشركة في التنبؤ بمواقع الاحتياطات الجديدة من خلال استخدام أحدث تقنيات التصوير والتَعلُّم العميق عبر الذكاء الاصطناعي. ويُعدّ إطلاق الحاسوب "الدمام 7" خطوة متقدمة ضمن استراتيجية التحوّل الرقمي في أرامكو السعودية، التي تضم مجموعة تقنيات متطورة تُسهم في إعادة تشكيل العمليات الرئيسة، وتعزيز الكفاءة، وتمكين ريادة الشركة. إعادة تمويل صدارة وخلال الربع الأول، أعلنت أرامكو السعودية وداو كيميكال كومباني، الشريكتان في شركة صدارة للكيميائيات، نجاحهما في إعادة هيكلة تمويل الديون الممتازة على شركة صدارة، والتي تضمنت تمديد فترة سداد الديون وفترة سماح لمدفوعات الفائدة وضمانات الكفيل، إلى جانب تنفيذ اتفاقيات أخرى تتعلق بشراء اللقيم، وحقوق تسويق المنتجات النهائية لشركة صدارة. وكانت أرامكو السعودية قد أبرمت صفقة مع ائتلاف أحد أبرز المستثمرين العالميين في البنى التحتية في قطاع الطاقة، وذلك لتحقيق القيمة المثلى لأصولها من خلال اتفاقية استئجار وإعادة تأجير متعلقة بشبكة خطوط أنابيب أرامكو السعودية للزيت الخام المركّز. وعند إتمام الصفقة، ستحصل أرامكو السعودية على متحصلات تُقدّر بحوالي 12.4 مليار دولار، بما يكفل تعزيز مركزها المالي من خلال واحدة من أكبر صفقات البنى التحتية في قطاع الطاقة العالمي. وتُعد الصفقة امتدادًا لاستراتيجية الشركة المتمثّلة في الاستثمار الأمثل لإمكانات أصولها وتعظيم القيمة لمساهميها، كما تُعزز الدور الذي تضطلع به أرامكو السعودية في تحفيز وجذب الاستثمارات الأجنبية الضخمة للمملكة. حقوق خطوط الأنابيب وبموجب هذه الصفقة، ستستأجر شركةٌ تابعة لأرامكو السعودية، تم تأسيسها مؤخرًا، وهي "شركة أرامكو لإمداد الزيت الخام"، حقوق استخدام شبكة خطوط أنابيب الزيت الخام المركّز لدى أرامكو السعودية لمدة 25 عامًا. وفي المقابل، ستحصل "شركة أرامكو لإمداد الزيت الخام" بدورها على تعرفة مدفوعة من أرامكو السعودية عن كميات الزيت الخام المركّز التي تتدفق عبر الشبكة، وتكون تلك التعرفة مرتبطة بحد أدنى لحجم تلك الكميات. وستحتفظ أرامكو السعودية بحصة أغلبية نسبتها 51 % في الشركة الجديدة، فيما يحتفظ الائتلاف الذي تقوده (إي آي جي) بحصة 49 %. وفي الوقت نفسه، ستظل أرامكو السعودية محتفظةً بملكية شبكة خطوط الأنابيب بشكل كامل وستظل لها السيطرة التشغيلية التامة عليها، كما لن تفرض هذه الصفقة أي قيود على الشركة من حيث كمية الإنتاج الفعلي للزيت الخام والتي تخضع لقرارات الإنتاج التي تتخذها الدولة. إلى ذلك أفادت أرامكو السعودية بتمكنها من زرع أكثر من 500 ألف شجرة خلال الربع الأول، وبذلك تستكمل الشركة بنجاح برنامجها لزراعة مليون شجرة، الذي يهدف للتخفيف من التصحر، وحبس الكربون، وتعزيز التنوع البيولوجي المحلي. وتتوافق مبادرة المليون شجرة مع أهداف التنمية المستدامة للتنوع البيولوجي والاستدامة للأمم المتحدة، وهي جزء من التزام الشركة بحماية البيئة. من جهة ثانية، أسهمت الشركة في جهود إعطاء لقاحات فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) خلال الربع الأول من العام، لحماية قواها العاملة وبيئتها الاجتماعية من مخاطر العدوى. ففي نهاية شهر أبريل 2021، بلغ عدد من تلقوا جرعات اللقاح أكثر من 178,000 من موظفي أرامكو السعودية والمتقاعدين وعائلاتهم، وذلك يشمل 85% من موظفي الشركة. وقد تمت جدولة هذه اللقاحات إما من خلال برنامج التطعيم بأرامكو السعودية، والذي يتم إجراؤه في 16 موقعًا في مرافق الشركة بكافة أنحاء المملكة بالتعاون مع شريكها الطبي مركز جونز هوبكنز أرامكو الطبي، أو من خلال برنامج التطعيم الحكومي. تحقيق تقدم في جهود أرامكو لتحقيق أهدافها الاستراتيجية مع تحسين محفظة أعمالها م. أمين الناصر