قلعة بِيْشَة أو قلعة (المَحْلَف) نسبةً لحلف وعهد قبَلي متين، من أهم المعالم الجغرافية تاريخيًا، اكتسبت شهرة عظيمة إبَّان الحملات العثمانية، وقد شيّدها أهل بيشة في غضون أيام قلائل للوقوف في وجه العدو الخارجي فانتفض الأهالي انتفاضة الأسد الضاري، بقيادة مشايخ بيشة الأشاوس، وردت أسماء بعضهم في الوثائق العثمانية، وفي مذكرات الرّحالة المستشرقين، فهم جديرون بأن تذكر آثارهم وأن يشاد بأفعالهم، تقع القلعة على ضفة وادي بيشةالشرقية في قرية (النَّغَيْلة) الأثرية بوسط محافظة بيشة، وبالتحديد في موضع يُدعى (الثغر).. ولا غرابة فالثغر في اللغة: أطراف البلدان، ومواضع الحدود الفاصلة بينها، يعود تاريخها إلى العقد الثالث من القرن (19م)، هدمها حسن باشا فأرسل لواليه خطابًا مؤرّخًا (29/ 6 / 1232ه)، والمحفوظ في أرشيف رئاسة الوزراء باستانبول بتركيا (من حسن باشا حاكم الحجاز إلى محمد علي باشا.. وقد قصد قُرى ثنية (الثِّنْيَة من قرى غرب بيشة،45 كم) وهي لمحمد بن عطيان (ابن عطيّان من مشايخ بيشة) الذي كان على اتفاق مع ابن شكبان (ابن شُكْبَان من مشايخ بيشة) وغيره من المشايخ وجمهور الخوارج.. على الحرب حتى تركوا قراهم وقصدوا بجموعهم قلعة رقيطاء (الرُّقَيْطاء من قرى بيشة الشمالية، 33 كم) لابن شكبان، ومنها قصد قلعة محلف (المَحْلَف) حيث علي الصعيري (من مشايخ بيشة) وجمع من كبار بيشة و800 من حملة السلاح فحاصرناها خلال 33 يوم من الحصار العنيد، وهدمنا القلعة خلال ثلاثة أيام. وجاء في خطاب آخر محفوظ في دار الوثائق القومية بالقاهرة، وتاريخ 5 ربيع ثاني 1256ه، وفيه (من أحمد شكري إلى صاحب الدولة، وبما أنه حصل في أطراف بيشة، فقد أرسلنا على وجه الإعانة لهم مئة فارس، وأرسلنا أيضًا في هذه المرة للمحافظة على القلعة الموجودة في بيشة سليمان آغا وجماعته من رؤساء المشاة ليقيموا فيها وسنرسل مقدارًا آخر من المشاة والفرسان، وجاء عندنا عدة من مشايخ بيشة الذين يفهمون الكلام مثل مضر بن غشان، ربما أن الاسم شابه التحريف وقد يكون مسفر بن نمشان وابن شكبان (سبق التعريف به) وركبان بن أكلب، ربما يريد ركبان قادمين من قبيلة أكْلُب، أو هو اسم شخص بعينه؟! وتحدثوا إلينا. وأشار الرّحالة الفرنسي موريس تاميزيه (MauriceTamisier) في كتابه رحلة في بلاد العرب - والذي قام بترجمته الباحث د. محمد آل زلفه لأسماء مشايخ من بيشة، كابن شكبان، ومحمد بن عون بن مقدّم، وعلي الصعيري، والفُوَيْه، وقد كان موريس يعمل كطبيب للحملة، ويسجّل في مذكراته ما شاهده خلال عشرين يومًا من مكوثه في بيشة ومن ذلك ما دونه صباح يوم الجمعة 26/ 3/ 1250ه، فقال: (قلعة بيشة التي اكتسبت شهرة عظيمة في هذا الجزء من الجزيرة العربية وخاصة أثناء مقاومة علي الصعيري العظيمة للأتراك، تعتبر بدون جدال من أجمل القلاع التي شاهدناها منذ مغادرتنا الطائف، تقع على تل منخفض على مقربة من صف من أشجار النخيل المحاذية للوادي تبعد ميل ونصف ( 2.800 كم تقريبا) من قرية الروشن الكبير، شكل القلعة دائري، ليس لها أبوب مثل القلاع التي شاهدناها في الثنية (قرية الثِّنْيَة غرب بيشة، 45 كم)، يتم الصعود إلى ذلك النوع من القلاع بواسطة الحبال، أما الجدران الخارجية فإنها مبنية من الطين، وسُمك الحائط سبعة أقدام وارتفاعه 20 قدمًا، يليه من الداخل جدار آخر بعرض الجدار الأول ويتوازى معه ويلي هذين الحائطين ممر بشكل دائري يتوازى مع الحائطين السابقين، ومسقوف بجذوع أشجار النخيل، وللقلعة أبراج أسطوانية الشكل لها مضارب تمكنهم من ضرب أعدائهم، إلى أن قال سيكون عملاً عظيمًا لو تغيرت أوضاع القلاع العسكرية في جميع أنحاء العالم إلى الطريقة التي تغيرت بها قلعة بيشة. قلعة ابن شكبان الأثرية