للعام الثاني على التوالي يحل شهر رمضان المبارك على المسلمين الأميركيين وسط ارتفاع كبير في أعداد الإصابات والوفيات بفيروس كوفيد 19، حيث سيمضي المسلمون شهر رمضان في ظل مخاوف صحية وقيود اجتماعية صارمة، فرغم برامج التطعيم التي توفرها سلطات الولايات المحلية لتشجيع المواطنين على تلقي جرعات اللقاح، لكن المخاوف من اللقاح نفسه لا تزال قائمة بعدما تعرضت حملات التلقيح للتشكيك مع إعلان السلطات الصحية الأميركية تعليق استخدام لقاح جونسون اند جونسون ضد كوفيد-19 بسبب ظهور حالات نادرة من الجلطات الدموية. شل فيروس كورونا الحياة بشكل كامل في العديد من المدن الأميركية وشل معها الكثير من عادات ومظاهر احتفالية في شهر رمضان المبارك كان المسلمون الأميركيون يحيونها قبل انتشار الجائحة، فخلت شوارع المناطق العربية من الفوانيس والزينة الرمضانية، وحدها محلات البضائع بقيت مفتوحة أمام المواطنين لكن التقيد بالتباعد الاجتماعي يفرض على الجميع الانتظار في طوابير طويلة يحتاج من يصطف فيه لساعات طويلة حتى يتسنى له الدخول لشراء بضائعه. غير كورونا الكثير من العادات والطقوس التي اعتاد عليها المسلمون الأميركيون في شهر رمضان وزاد عبئا آخر على المغتربين الذين يعيشون في الولاياتالمتحدة. يقول خالد محمد سعيد حبش وهو مواطن سعودي حاصل على ماجستير في التجارة الدولية يعيش في ولاية جورجيا، إن الغربة في غير رمضان كُربة وفي رمضان هي كربة مضاعفة. فمهما استطاع المغترب التغلب على الإحساس بالحنين والوحدة وألم بعد الأحباب إلا أنه في رمضان يشعر بها أكثر وفي كل ساعة في اليوم. يضيف خالد أن انتشار الوباء كان قاسيا جدا بكل المقاييس على جميع الناس، فهو وزوجته آلاء محمد وهي مواطنة سعودية طبيبة قلب للأطفال في إحدى مستشفيات الولاية، قد تغيرت حياتهما بشكل كامل فهما يحرصان بشدة على التباعد الاجتماعي كي لا يتسببا بنقل الفيروس لأحد المرضى الصغار الواقعين في حالة صحية حرجة، ويضيف خالد أن رمضان الآن أصبح أكثر عزلة فالوباء حرمهم حتى من زيارة العدد المحدود من الأسر الصديقة المسلمة، أو الذهاب للمطاعم العربية للمشاركة في الإفطارات الجماعية والذهاب لأداء صلاة التراويح في المساجد. الوباء في رمضان في الغربة أشبه ما يكون إلى إضافة الملح على الجرح. يئن الكثير من المسلمين الأميركيين تحت وطأة وباء حرمهم حتى من وظائفهم ومصدر رزقهم بعد تسريح ملايين العمال بسبب الجائحة والإغلاق العام، وفي محاولة منها للتخفيف من بعض هذه المعاناة والآثار التي سببتها الجائحة تعمل سلطات العديد من الولايات على توزيع الملايين من وجبات الإفطار على الصائمين بمشاركة العديد من الجمعيات الخيرية الإنسانية. يقول محمد جنيد وهو مواطن أميركي من أصول فلسطينية يعيش في منطقة بروكلن بمدينة نيويورك إن أكثر ما يؤلمه هو إغلاق المساجد أو الحد من عدد المصلين فيها، ما حرم أطفاله من تلقي دورس دينية اعتادوا على تلقيها خلال شهر رمضان المبارك، ولكنه يرى أن هذه الإجراءات ستحمي الأرواح وستسهم في الحد من انتشار الوباء آملا أن تنهي هذه الأزمة الصحية العالمية وتعود الحياة إلى ما كانت عليه في السابق. أما يحيى القحطاني وهو مواطن سعودي باحث في الطاقة المتجددة ومحاضر في جامعة هاوورد، يعيش في العاصمة واشنطن، يقول إنه من الطبيعي أن كل سعودي يأتي عليه شهر رمضان المبارك وهو في بلد آخر ينتابه شعور الغربة والشوق للمظاهر الرمضانية الجميلة والتي تختص بها السعودية دوناً عن غيرها. فالتجمع العائلي على الإفطار بشكل يومي وأصوات مكبرات الصوت في المساجد تصدح بالصلوات وخاصة صلاة القيام وأيضاً الأنشطة الرمضانية والمسابقات في الأحياء من أهم ما يفتقده السعودي المغترب في رمضان. «كنت في شهر رمضان الماضي في السعودية وكان وقتها يطبق حظر تجول جزئي ومنع للصلوات في المساجد للحد من انتشار الجائحة. وهذه السنة من الطبيعي أنني سأكون أكثر حرصاً من حيث الاختلاط والذهاب للصلاة في المساجد لأن القيود هنا والالتزام بالاحترازات الوقائية لا تقارن بما يحدث في السعودية من إدارة ناجحة لأزمة كورونا». غلب الصمت على الشوارع في المناطق العربية في الولاياتالمتحدة حيث كان لشهر رمضان المبارك رونقا مختلفا عن باقي المناطق، لكن ورغم هذه الظروف الاستثنائية يتحلى المسلمون بالصبر ويقودون جهود الولاياتالمتحدة لمواجهة جائحة كورونا، كما يلعبون دورا رائدا في تطوير اللقاحات، بالإضافة إلى عملهم في مجال الرعاية الصحية وهو ما أثنت عليه الإدارة الأميركية في بيان تهنئة وجهه الرئيس الأميركي جو بايدن إلى عموم المسلمين في البلاد بمناسبة حلول الشهر الفضيل. الافطار الجماعي من عادات رمضان المحببة فوانيس رمضانية بأحد المتاجر