اختتمت قمة المناخ العالمية الافتراضية أعمالها، الجمعة، في جلستها الخامسة تحت عنوان (الفرص الاقتصادية للعمل المناخي). وافتتح الرئيس الأميركي جوزيف بايدن الجلسة، بكلمةٍ أعرب فيها عن شكره لجميع قادة الدول الذين أعلنوا التزامهم بالمساعدة على مواجهة تحدي التغيّر المناخي، مؤكداً أن قمة المناخ العالمية الحالية، تمهد الطريق لمؤتمر الأممالمتحدة للتغيّر المناخي الذي سينعقد في نوفمبر المقبل، لتحويل هذه الالتزامات إلى حقيقة ملموسة. وقال الرئيس الأميركي خلال الكلمة: إن الجلسة الختامية تركّز على فرص خلق ملايين الوظائف في القطاعات المبتكرة، مستشهداً بخطة الوظائف التي قدمتها إدارته مؤخراً لبناء اقتصاد قوي ومتكافئ. وأوضح الرئيس الأميركي أن إدارته تعمل على تطوير تقنيات حيوية لمعالجة الأزمة المناخية، إيماناً منها بأهمية هذا الجهد في خفض الانبعاثات إلى الصفر، داعياً جميع دول العالم، للاستثمار في تقنية الطاقة النظيفة. وأعرب عن فخره بريادة الولاياتالمتحدة في بعثة الابتكار، لتعزيز الاستثمار في بحث وتطوير مجال الطاقة النظيفة، حيث تلعب أميركا مجدداً دوراً قيادياً بمشاركة العديد من الدول الأخرى، من أجل إيقاف استخدام الكربون في القطاعات الحيوية، بما في ذلك القطاع الصناعي، حيث تشارك الولاياتالمتحدة مع السويد والهند في المجموعة القيادية للتحوّل الصناعي، وفي مجال الكهرباء حيث تعمل مع المملكة المتحدة على تسريع التقدم باتجاه نظام كهربائي لا يعتمد على الكربون، وفي قطاع الزراعة حيث ستطلق أميركا مهمةً وبعثةً للابتكار الزراعي والمناخي مع دولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول. كما أشاد الرئيس الأميركي جوزيف بايدن، في كلمته، بالدعوة التي قدّمها الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين، للمساعدة في تخفيض كمية ثاني أكسيد الكربون في العالم، لأهمية ذلك في بناء اقتصاد مزدهر للأجيال القادمة. وأكد بايدن، ضرورة أن التعاون الدولي للاستثمار في اقتصاد أنظف، مجدداً التزام بلاده بالانخراط في هذه الاستثمارات مع جميع الأسواق في جميع أنحاء العالم، حيث ستطلق الولاياتالمتحدة قريباً، شراكات عالمية جديدة لتعزيز البنية التحتية الذكية. عقب ذلك، ألقى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، كلمةً أكد فيها أن السبيل الوحيد لتخطي تهديد التغيّر المناخي، هو العمل الفوري والجريء من الجميع، مشيراً إلى أن التحوّل في مجال الطاقة، يستوجب علينا أن نستفيد من هذه الفرصة التاريخية للوصول إلى الانبعاثات إلى الصفر. وقال سانشيز: إنه من أجل التحوّل إلى العمل من خلال الطاقة النظيفة، يجب أن تضع البشر في المقدمة، فعملية إزالة الكربون ستؤثر على الجميع، والحكومات يجب أن تعمل بنشاط مع المجتمعات المتأثرة، وتساعد في تحويل التحديات إلى فرص، وتعزيز الاستثمار في الطموح المناخي، مشيراً إلى أن إسبانيا ستلجأ للتحوّل في أسرع وقت ممكن، ففي السنوات الثلاث الماضية، أغلقت الكثير من المناجم ومحطات توليد الطاقة بالفحم كجزء من الإستراتيجية الوطنية للتحوّل في مجال الطاقة، وبحلول 2022 ستكون إسبانيا قد أزالت بشكل تدريجي 85 % من قدرات توليد الطاقة الكهربائية بالفحم. وأضاف سانشيز أن هذا التحوّل، يمثّل فرصةً رائعة للاستثمار في مجال الطاقة، حيث يمكن أن يخلق وظائف أكثر بثلاث مرات مما نراه في مجال الطاقة بالوقود الأحفوري، وفي إسبانيا الخطة الوطنية للبيئة والمناخ تقدّر أن حوالي 240 مليار يورو سيتم جمعها في العام القادم، وهذه الاستثمارات من القطاعين العام والخاص ستخلق ما بين 250 ألف إلى 350 ألف وظيفة في مجال الصناعة والبناء بالإضافة إلى ذلك خطط التعافي من (كوفيد-19). من جانبه قال رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية محمد بخاري في كلمة إن القمة جاءت في الوقت المناسب فيما يكافح العالم وباء كورونا وتغير المناخ وتأثيراته إلى جانب الكثير من التحديات العالمية. وبين أن قضية تغيّر المناخ احتلت الواجهة الأمامية حول العالم لأن هذه القضية تؤثر علينا جميعاً، فهي تؤثر على ارتفاع درجة الحرارة، وتكاثر هطول الأمطار وارتفاع منسوب مياه البحر، وتؤدي إلى ذوبان الأنهر الجليدية. وأشاد بقرار عودة الولاياتالمتحدة للانضمام إلى اتفاق باريس، وتبنّيها مبادرة الاقتصاد الأخضر في الاقتصاد الأمريكي، مشيراً إلى أن هذه الخطوات ستكمل العملية لتحوّل الاقتصادات العالمية إلى اقتصادات خالية من الكربون. وتابع الرئيس النيجيري كلمته قائلاً: إن الحكومة النيجيرية في عام 2017، أطلقت برنامج السندات الخضراء كجزء من التزامها تجاه اتفاق باريس، وترجمت النتيجة النهائية للإجراءات المتخذة إلى فعالية سلاسل الامداد وتحسين التغذية وتقليل مستوى الجوع وزيادة فرص العمل واقتصاد أفضل، وخفضت مستوى الفقر ومواطن الضعف، وعززت سبل الحياة الكريمة للمواطنين. من جهته ثمّن رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية نجوين شوان فوك، قرار عودة الولاياتالمتحدة الأميركية لاتفاق باريس، لما ستضيفه في مجال العمل الجماعي الدولي لتحقيق أهداف الاتفاق. وقال: إن التغير المناخي هو أزمة وجودية رئيسة تواجه كوكبنا، وفي فيتنام العام الماضي الطقس القاسي، كلّف الكثير من الأرواح والخسائر، مخلّفاً وراءه أكثر من 20 مليون فيتنامي يعانون من ارتفاع منسوب المياه في البلاد. وأشار فوك، إلى ضرورة الالتزام بوجود اقتصاد يخفض انبعاثات الكربون إلى الصفر، لتلبية الهدف بخفض حرارة الجو بنسبة درجة مئوية، الأمر الذي يعد ضرورياً لتعزيز الاستدامة في حياتنا، مؤكداً التزام فيتنام بالسير على هذا النهج، ومعرباً في الوقت نفسه عن حاجة بلاده لخارطة طريق مناسبة للدول النامية، التي تعاني الكثير من المشاق. وشدد الرئيس الفيتنامي على ضرورة أن يكون التحوّل عادلاً وشاملاً، وأن يؤكد الوصول المتكافئ إلى الفرص، وألاّ يخلّف أحداً في الوراء، إلى جانب ضرورة أن تستمر الدول المتقدمة في ترأس جهود خفض انبعاثات الكربون مع تقديم الدعم المتزايد للدول النامية في مجال التمويل والتقنية والبنية التحتية وخلق الوظائف. وتعهد رئيس جمهورية فيتنام الاشتراكية ببذل كل جهد ممكن واستخدام القوانين السائدة مع حلول عام 2050، لخفض الانبعاثات بنسبة 9 % باستخدام موارد فيتنام الخاصة، وبنسبة 27 % إذا حصلت على الدعم المالي الدولي، وتعهد كذلك بزيادة استخدام الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء بنسبة 20 %، وتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 15 %، وفي مجال قطاع الزراعة بنسبة 10 %، مشيراً إلى أن بلاده أطلقت هذا الشهر برنامجاً لزرع مليون شجرة، من المتوقع أن يمتص من 2 إلى 3 % من الانبعاثات في فيتنام. وقال رئيس جمهورية بولندا أندجي دودا، في كلمة بلاده، إن بلاده تلعب دوراً نشطاً في السياسة المناخية العالمية، حيث خفضت إنتاج ثاني أكسيد الكربون، واستضافت ثلاث مرات قمماً مناخية، وقامت بإنشاء خارطة طريق في بولندا، مهّدت الطريق لتبنّي اتفاقية باريس، إلى جانب الدور الإيجابي الذي لعبته بولندا في المؤتمر المناخي الرابع والعشرين، حيث كانت أول دولة تحقق أهداف خفض الانبعاثات بحلول عام 2030 بنسبة 55 %. وأكد الرئيس البولندي في كلمته أنه يتوجب على العالم، تبنّي سياسة مناخية طموحة على أساس التحوّل العادل مع الأخذ بعين الاعتبار، الواقع القائم في بلداننا ومجتمعاتنا، وذلك يعدّ تحدياً لاسيما مع وجود حاجة إلى تغييرات اقتصادية صعبة، بما في ذلك غلق بعض الصناعات مثل صناعات الفحم، التي تمثّل تحديات خاصة لدول مثل بولندا وبلغاريا التي ستستضيف اجتماعاً حول سياسة المناخ مع بولندا في يوليو المقبل. وأضاف: أن بولندا ستقوم بتنفيذ نظام يخفّض انبعاثات الكربون إلى الصفر بنسبة 11 % مع حلول عام 2040، وذلك جزء من الاتفاقيات ضمن الاتحاد الأوروبي التي تلبّي طموحات الجيل الجديد من البولنديين. وأشار رئيس جمهورية بولندا إلى بلاده دخلت مؤخراً في اتفاقية - بعد حوار اجتماعي طويل بين عمّال المناجم وممثلين عن الحكومة -، توصّلت لضرورة التخلي عن استخدام الفحم في الصناعات مع حلول عام 2049، مؤكداً أن هذه الخطة طموحة بالنسبة للمستقبل، إذا نظرنا إلى أن الاعتماد على الفحم في بولندا الآن يصل إلى نسبة 70 % في إنتاج الطاقة، وستستبدل بولندا ذلك بطاقة متجددة. من جانبه، أكد وزير النقل الأميركي بيت بوتيجيج، أن قمة المناخ العالمية، جاءت بهدف رسم مسار جديد لمحاربة الأزمة المناخية، مشيراً إلى أن تحقيق أهدافنا للمناخ، ستخلق وظائف جديدة، وتعزز التكنولوجيا والابداع لعاملينا. وقال: إنه قطاع النقل في الولاياتالمتحدة، هو أكبر مسبب لانبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك يعني أن هذا القطاع لديه الفرصة ليكون جزءاً من الحل، فالسباق في المعركة ضد تغيّر المناخ، يتعلق بما يمكن أن نكسبه إذا نجحنا، وبالنسبة للدول التي تتحول بشكل ناجح في مجال الطاقة النتيجة، سيكون لديها المزيد من الوظائف والنمو الاقتصادي، ونحن نحقق هذه الفائدة في أميركا. وأشار الوزير الأميركي، إلى أن إدارة بايدن، أطلقت مؤخراً برنامج الوظائف الأميركية، الذي يمثّل فرصة فريدة لتحديث البنية التحتية القائمة لكي يزدهر الاقتصاد، مبيناً أن هذا البرنامج يعمل على الاستثمار في البنى التحتية والمرافق بمواد مستدامة، مما سيساعد البلاد في الابتعاد عن اعتمادها على الوقود الأحفوري، وتحوّلها إلى اقتصاد خالٍ من الكربون، وسيسهم في إضافة المزيد من الوظائف، وتوسيع شبكة النقل العام وتركيب محطات شحن للسيارات الكهربائية.