مرة بعد مرة تؤكد المملكة أنها مستمرة في مواجهة الفساد وملاحقة الفاسدين أينما وجدوا، والضرب بيد من حديد على كل مُتلاعب بالمال العام، وكل مُستغل لوظيفته الحكومية لتحقيق مكاسب شخصية، وهو النهج الذي بث الطمأنينة في نفس كل مواطن ومقيم، وتأكد في قرارة نفسه أن البلاد تتغير إلى الأفضل، وأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى النزاهة والصدق والشفافية. وعندما تعلن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد عن مباشرة 11 قضية فساد جديدة، متهم فيها موظفون كبار في جميع الوزارت، بما فيها الوزارات السيادية، ففي هذا إشارة واضحة إلى إصرار الدولة وعزمها المضي قدماً في الطريق الذي حددته لنفسها، بمواجهة الفساد الذي يصدر من أي أشخاص، ولو علت مراكزهم، حتى وإن تركوا هذه المراكز منذ فترة، في رسالة مهمة بأن قضايا الفساد لا تنتهي بالتقادم، وإنما بتحقيق العدالة، وإعادة المال العام المنهوب إلى خزينة الدولة. تؤمن الدولة أن نجاح رؤية 2030 وتنفيذ برامجها، لا يمكن أن يصبح واقعاً ملموساً، إذا ما كان هناك فساد في مؤسسات الدولة، خاصة أن مشروعات الرؤية عملاقة وبميزانيات مليارية، وبالتالي تحتاج إلى أقصى درجات النزاهة والشفافية في كل مراحل تنفيذها حتى تؤتي ثمارها المرجوة، أما إذا اقتحمت هذه المشروعات الرشاوى والمحسوبيات والتلاعب بالمال العام، فنحن هنا نهدر هذه المليارات. ومن هنا، قاد سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في وقت مبكر من إعلان الرؤية، الحملة على الفساد والفاسدين، ولعل ما حدث في فندق (الريتز كارلتون) في الرياض أواخر 2017 خير شاهد على أن الدولة لن تسمح بأي فساد أو تجاوز، وأن الجميع أمام القانون سواسية، ويتذكر الجميع عبارة ولي العهد الشهيرة عندما قال: "لن ينجو أحد دخل في قضية فساد كائنًا من كان". لم يكن لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد أن تتوصل إلى هذا الكم من قضايا الفساد المتكاملة الأركان، لولا التعاون الكبير الذي أبدته الجهات الحكومية معها، وهو ما يؤكد حرص المنظومة الحكومية على ردع المتجاوزين، تأكيدًا على نزاهة الوظيفة العامة، وتحصينها ضد كل من يحاول استغلالها لتحقيق مصالحه الشخصية. والإعلان عن قضايا فساد على الملأ فترة بعد أخرى، وبهذا الوضوح، يعزز شفافية الدولة وصدقيتها في محاربة الفساد، ويرسل بإنذارات إلى كل شخص تسول له نفسه التلاعب بالمال العام مستقبلاً، ويؤكد أيضاً أن الدولة لن تحيد عن هذا المبدأ، حتى يتم اجتثاث الفساد من جذوره ومعاقبة كل فاسد على ما صنع.