اجتماع "أوبك+" الأسبوع الماضي جاء بنتائج تمهد لعودة تدفق مزيد من الإمدادات إلى السوق مع بداية شهر مايو المقبل، سنة كاملة منذ البدء بالاتفاقية التاريخية التي تم إبرامها في إبريل 2020 وأخذت حيز التنفيذ في مايو 2020، سنة كاملة من المراقبة اللصيقة لأسواق النفط والاجتماعات الشهرية للمجموعة، آلية غير مسبوقة واكبت الاتفاقية في كل تفاصيلها من حيث المتابعة والمراقبة والمراجعة والتعويض والالتزام. لم تكن المهمة مقتصرة في ضبط الإمدادات بل تجاوزت ذلك إلى تخفيض مستويات المخزونات العالمية التجارية من النفط التي ظلت مرتفعة خلال الست سنوات الماضية. القيادة السعودية للمجموعة جاءت حازمة وفعالة في تكريس العمل الجماعي في داخل المجموعة وإعادة صياغة معايير السوق المادي للنفط بعيدا عن تأثيرات المضاربين وأسواق الآجل، لكن القيادة السعودية لم تكتف بالقيادة من داخل المجموعة بل كان حضورها مؤثرا على المشهد العالمي للسوق النفطية من خلال متابعة ديناميكية السوق المادي للنفط ككل، ظلت ديناميكية السوق المادي خلال الست سنوات الماضية متعلقة بالمعروض وكميات الاستهلاك في الأسواق الاستهلاكية الكبرى إلا أن بيانات التخزين وديناميكية التخزين ظلت بعيدة عن معايير السوق. الخطوة القيادية والمبادرة من القيادة السعودية التي أعلنتها المملكة مطلع عام 2021 بإضافة خفض طوعي بمقدار مليون برميل يوميا، وتم العمل بها منذ فبراير، كانت خطوة جريئة وفطنة في فك شفرة التخزين التجاري للنفط عالميا، وانكشاف الطرق المتعددة للتخزين في شتى الأسواق الرئيسة. لم تمضي أسابيع قليلة من الخفض الطوعي السعودي إلا ورأينا التصاريح من الجهات المتورطة في التخزين الغير مبرر تتسابق في الطلب بضخ مزيد من التدفقات النفطية إلى الأسواق، الجهات التي اعتمدت في السنين السابقة على التخزين الوقتي للنفط وإعادة استخدامة مع تذبذب الأسعار وجدت نفسها في حالة انكشاف على أسواقها المحلية التي تتطلب إمدادات سريعة. جهات أخرى كانت تعتمد على الوفرة الإمدادية في صنع خليط من الخامات وإعادة بيعها وجدت نفسها غير قادرة على تحقيق نمو في إنتاجها النفطي الداخلي من الخامات المتخمة في الأسواق، جهات أخرى اضطرت إلى إعادة توزيع الحصص لمصافيها الداخلية تحسبا لأي طارئ في تشغيل المصافي، أما بالنسبة لمجموعة "أوبك+" فقد استعادت قدرتها على التجاوب والاستفادة من طلب السوق وأساسيات السوق بدلا من تلبية حاجة المخازن. مع عودة زيادة إنتاج النفط بشكل تدريجي وتدفق المزيد من الإمدادات إلى الأسواق سيكون من الواضح أين يتم تخزين النفط وبأي طريقة يتم عرضه في الأسواق لاحقا، وهي بيانات ظلت غامضة في أوقات سابقة بفعل امتلاء السوق النفطية من المعروض وتزاحم الإمدادات العالمية في التنافس على الحصول على حصص من السوق، المكاسب المعلوماتية في أسواق النفط شديدة التنافس لا تقل أهمية عن المكاسب السعرية واللوجستية والاستفادة من بيانات المخزونات وطريقة التخزين يتطلب آلية متابعة مستمرة.