لم تكن رؤية 2030 التي طرحها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل نحو خمس سنوات، رؤية اقتصادية واجتماعية، تعيد بناء السعودية الثالثة على أسس قوية وراسخة فحسب، وإنما هي رؤية تُعيد بناء الإنسان وحياته من الداخل، وتدفعه إلى أن يكون أكثر إصراراً وعزيمةً ووعياً، تمكنه من صنع المستحيل وترجمة الأحلام والتطلعات إلى واقع مُعاش، فضلاً عن القدرة على إعادة كتابة تاريخ الوطن بالصياغة التي ترضي غروره. وفي وقت مبكر جداً، أعلن سمو ولي العهد أن الرؤية ستقام على سواعد أبناء الوطن وبناته، الذين عليهم أن يفكروا من خارج الصندوق، ويبتكروا الأفكار الخلاقة والطموحة التي تُعلي من شأن بلادهم، وتوظف إمكانات المملكة بالصورة المأمولة، وصولاً إلى الأهداف العليا. ومنذ خمس سنوات، والرؤية تواصل برامجها الطموحة بوتيرة متسارعة، تؤكد أن المملكة وقادتها وشعبها عازمون على المُضي قدماً في طريق التنمية والازدهار، وفق الخطط المرسومة، هذه الوتيرة وإن كانت نشيطة ومتتابعة خلال السنوات الماضية، إلا أنها بدت أكثر نشاطاً وأكثرية حيوية منذ بدء العام الميلادي الحالي، الذي شهد خلال ربعه الأول، الإعلان عن 11 مبادرة ومشروعاً تترجم تطلعات ولاة الأمر في تأسيس وطن جديد، ينافس على صدارة المشهد في العالم، في جميع المجالات والقطاعات. معظم المبادرات والمشروعات التي أطلقها ولي العهد، تركز على كل جوانب الاقتصاد دون سواه، في مسعى جاد وعملي لبناء اقتصاد قوي مزدهر، يبعث الأمل ويبث التفاؤل، ويعود على أبناء المملكة بالنفع والفائدة، وينعكس على المواطن الذي يعد محور التنمية وهدفها الأول بالخير الوفير، خاصة إذا علمنا أن هذه المشاريع ركزت على التقنيات الحديثة، وبناء مدن المستقبل من خلال مشروع "ذا لاين"، وجذب الاستثمارات من بوابة الاستراتيجية الجديدة لصندوق الاستثمارات العامة، والارتقاء بالصناعات المحلية في مبادرة "صنع في السعودية"، وحماية بيئة السعودية والشرق الأوسط وتنقيتها من الملوثات في مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر". شمولية الرؤية لم تقتصر على ما سبق، وإنما هدفت أيضاً في إعادة الثقة في القطاع الخاص، وبادرت بفتح صفحة جديدة من التعاون النوعي مع شركاته، ودفعها إلى أن تصبح أكثر حيوية من ذي قبل، لتتحول من "المحلية" إلى "العالمية"، من خلال خبراتها المتراكمة ومشاريعها النوعية وقدرتها المالية، وبداية هذه القدرة بضخ 5 تريليونات ريال في شرايين الاقتصاد السعودي بحلول 2030. بهذا المشهد، أشعر أننا أمام حقبة جديدة من تاريخ المملكة، توثق لحضارة إنسانية جديدة، حافلة بمحطات مشرفة من النمو الاستثنائي، والازدهار الشامل، والتقدم العلمي في كل المجالات، وما يلفت الأنظار إلى هذا كله أن قفزات التغيير في المملكة مدروسة بعناية، تلبي احتياجات المستقبل، وتراعي أحدث ما وصل إليه العلم، بل إن بعضها تجاوز العصر الحالي، ويستشرف تطلعات المستقبل، والهدف من هذا كله أن تكون المملكة دولة عصرية بكل ما تحمله الكلمة من معان ومدلولات.