في خطوة لها رمزية كبرى، أرسل 43 عضوا من أعضاء الكونغرس الأميركي، رسالة موجهة إلى الرئيس بايدن، طالبوه فيها باستخدام كل أنواع الضغوطات الدبلوماسية والاقتصادية لمنع إيران من حيازة سلاح نووي وتأتي أهمية هذه الرسالة من كونها صادرة عن الحزبين الجمهوري والديموقراطي، حيث يقف وراءها أحد صقور الحزب الديمقراطي المعارضين لإيران وهو السيناتور بوب مينينديز. وأكدت الرسالة على اتفاق الحزبين على مبادئ أساسية في مقدّمتها ضرورة منع إيران من امتلاك سلاح نووي والتصدي للسلوك الإيراني غير المشروع في الشرق الأوسط. وجاء في الرسالة "بالنظر إلى المستقبل، نعتقد بقوة أنه يجب استخدام القوة الكاملة لأدواتنا الدبلوماسية والاقتصادية، بالتنسيق مع حلفائنا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وفي المنطقة، للتوصل إلى اتفاق يمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية بالاضافة إلى تقييد سلوكها المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط ووقف برنامجها للصواريخ البالستية". وأضافت الرسالة "نعتقد أنه من الأهمية أن نتحاور مع حلفائنا الأوروبيين وإسرائيل ودول الخليج، بشأن المسار المستقبلي مع إيران وتوفير المناخ المناسب لتمكين حلفائنا من العمل معاً لتعزيز التعاون الإقليمي". تخوّف إيراني ترتفع كل يوم حدة الأصوات الإيرانية المنتقدة لإدارة جو بايدن، بسبب عدم إيفائها بوعدها الانتخابي بالعودة إلى اتفاق العام 2015، واستمرارها بتطبيق كامل ترسانة العقوبات التي جاءت بها إدارة دونالد ترمب. وفي حوار أجرته مجلة "بوليتيكو" الأميركية مع جواد ظريف، هاجم ظريف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن متّهماً إدارة بايدن بالالتفاف على وعودها أثناء الحملة الانتخابية والسير في مسار لا يختلف كثيراً عن عهد دونالد ترمب. وقال ظريف لبوليتيكو "مسؤولو إدارة جو بايدن اليوم كانوا في إدارة أوباما، وكانوا موافقين على اتفاق العام 2015، ولكنهم يشترطون الآن التفاوض من جديد قبل العودة إلى الاتفاق، ورفع العقوبات لأن سياسة ترمب تعجبهم ويريدون استخدام أسلوب الإكراه والضغط على إيران لإجبارها على تقديم المزيد من التنازلات". وفي حديثه لبوليتيكو قال ظريف إنه قابل الرئيس جو بايدن عدة مرات، حين كان عضو مجلس شيوخ ولا يشعر بالاستغراب من استمرار جو بايدن بنفس سياسات ترمب تجاه إيران، منتقداً منع إدارة بايدن كوريا الجنوبية، من إرسال الأموال الإيرانية المحتجزة لدى سيول عبر الوسيط السويسري. صدمة بايدن في افتتاحية لمجلة "ذا أتلانتيك" الأميركية، قالت المجلة أن إدارة بايدن، التي أرادت التفاوض مع إيران بالدبلوماسية اصطدمت بالواقع، وهو أن النظام الإيراني يقتات على الفوضى والخراب وعذاب الشعوب في الشرق الأوسط، والحديث مع طهران عن وقف سلوكها التخريبي يعني اقتلاع النظام والتخلص من أسباب وجوده. واستشهدت افتتاحية "ذا أتلانتيك" بكلمات قالها جو بايدن في العام 2014، حين وجّه خطاباً للرئيس السابق باراك أوباما قال فيه "لقد أمضيت مئات الساعات وأنا أتحدث مع القادة في الشرق الأوسط عن إيران ومشكلاتها التي لا تمتلك حلولاً". وذكر المقال فشل الإدارات المتعاقبة في اقناع إيران بالتخلي عن سلوكها الوحشي، الذي يهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي العالمي، والذي يتعاون فيه النظام الإيراني مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، الذي أجج واحدة من أكبر أزمات اللجوء في العالم منذ الحرب العالمية الذاتية، والتي قادت إلى فوضى وموجات تطرف يميني ويساري وصلت إلى الشواطئ الاوروبية. وتحدث المقال عن الأزمة الإنسانية المروعة في اليمن، والتي لم تكن لتحدث لولا تدخل إيران التي نشرت الأوبئة والأمراض والفقر وتجنيد الأطفال في اليمن في سبيل تهديد استقرار المنطقة. وطالبت "ذا أتلانتيك" المقربة من الحزب الديموقراطي، إدارة جو بايدن بالاستمرار بالضغط على النظام الإيراني، بمساعدة الدول الحليفة والقريبة وعدم التركيز فقط على الطموحات النووية لإيران لأنها جزء من مشهد سوداوي كبير ترسمه إيران للمنطقة والعالم. وقالت "ذا أتلانتيك"، "بايدن يعرف إيران جيداً ولكن المطلوب منه أن يحدد سياستها تجاهها في إطار استراتيجي يظهر إيران على حقيقتها التي يعرفها بايدن وكل عالم بتعقيدات الشرق الأوسط". تدمّير الشعب سلّطت صحيفة "ذا أتلانتيك" الضوء على تاريخ إيران الحديث، منذ وصول خامنئي إلى السلطة وتدهور الأوضاع في الداخل الإيراني منذ العام 1979، ما أثبت للعالم وسبعة رؤساء أميركيين أن نظامها غير قابل للإصلاح. وعلى الرغم من اتساع مساحة إيران، التي هي أكبر ب(سبعين مرة من اسرائيل وأربع مرات من ألمانيا)، وامتلاكها لثروات وموارد طبيعية كثيرة، إلا أنها تعيش اليوم مع نظام الملالي وضعاً اقتصادياً واجتماعياً وصحياً مأساوياً، وكأنها دولة من الدول الفقيرة عديمة الموارد وتواجه إيران وكل من حالفها تحديات انسانية وأمنية مروعة. وذكّرت "ذا أتلانتيك"، بكلمات الرئيس الأميركي الراحل هنري كيسنجر الذي قال: إن الولاياتالمتحدة لديها الكثير من الأسباب للتقارب مع إيران إلا أن قادة طهران أخذوا قرارهم بإعطاء الأولوية لرسالتهم العدوانية والتخريبية على حساب رفاه شعوبهم. وقالت "ذا أتلانتيك": إن خامنئي الذي يمسك بمفاصل السلطة في إيران منذ العام 1989، يختار من يهزم ومن يفوز في الانتخابات الإيرانية ليصبح واحدا من أكثر الحكام المستبدين الجالسين في السلطة في العالم. وتقول "ذا أتلانتيك"، أن الرئيس الإيراني السابق الذي هرب من إيران إلى أميركا قال ذات مرة: إن خامنئي لن يتخلى عن الخطاب المعادي لأميركا لأنه سر وجود النظام الإيراني، ولذلك رأينا خامنئي مؤخراً يتهم أميركا حتى بنشر وباء "كورونا" على الرغم من أن الولاياتالمتحدة هي أكثر المتضررين من الوباء. الجديد في إيران اليوم بحسب "ذا أتلانتيك"، هو أن شعبها تعب من الذل والفقر والعزلة ولم تعد شعارات "الموت لأميركا" كافية لإخراس الإيرانيين في ظل ثورة العولمة والتكنولوجيا والتطور الذي يراه الإيرانيون بأم أعينهم يحدث في الخارج، وفي كل مكان من حولهم دون أن يلمسون شيئاً منه في بلدانهم يقود إلى تفاعلات خطيرة داخل إيران تصعّب على خامنئي ونظامه مهمة الصمود. وترى الصحيفة أن عهد جو بايدن، إذا استمرّ بايدن فعلاً بتطبيق سياسة العقوبات، سيشكل صدمة كبيرة للإيرانيين وسيقنع الداخل الإيراني بأن نظامهم بات المشكلة والعامل الأساسي الذي يجلي عليهم الفقر والجوع والعقوبات وأن أي تغير خارجي لن يحل مشكلاتهم. وكانت مظاهرات العام 2019 التي شهدتها إيران والعراق ولبنان بنظر "ذا اتلانتيك"، مؤشر كبير على إدراك الطبقات الشعبية الأكثر تضرراً من سلوك إيران، بأن الحل لن يأتي أبداً طالما استمرت مجتمعاتهم بالخضوع لسلطة نظام رجعي يأخذهم من قاع إلى قاع أسوأ منه، لا سيما أن مظاهرات العام 2019 اتّسمت بمشاركة الطبقات الشعبية الموالية للنظام الإيراني في إيران ودول أخرى في المنطقة.