مع إنتشار وباء كوفيد 19 تغيّرت حياة الأميركيين وتبدلت هواجسهم، وزادت مخاوف البعض منهم بعد ارتفاع نسبة جرائم الكراهية وحوادث استهدفت بشكل خاص أميركيين من أصول شرق آسيوية بحجة مصدر الوباء. لا يكاد يمر يوم دون أن يوثق الإعلام الأميركي ما يتعرض له أفراد المجتمعات الأميركية الشرق آسيوية في المدن الأميركية الكبرى من حوادث قتل أو اعتداء، آخرها كان قبل أيام عندما فتح مسلح النار في ثلاث صالونات تجميل في أتلانتا ومدينة وودستوك القريبة في ولاية جورجيا، بعد تحريض بعض اليمينيين على الآسيويين هناك، واتهامهم بالمسؤولية عن نشر الفيروس، الحادث الذي هز الشارع الأميركي أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص معظمهم نساء من أصول شرق آسيوية.. مركز دراسة الكراهية والتطرف بجامعة ولاية كاليفورنيا أصدر إحصائية أوائل شهر مارس الجاري أشارت إلى وقوع 3800 حادثة كراهية ضد الأميركيين الآسيويون، قد تم التبليغ عنها، وهي نسبة ارتفعت بنحو 149٪ منذ انتشار الوباء في مارس العام الماضي، وقد شكلت المضايقات اللفظية بالإضافة الى التجنب المتعمد، أكبر نسبتين من إجمالي الحوادث المبلغ عنها، فيما شكلت الاعتداءات الجسدية نسبة 11٪ من مجمل الحوادث.. عنصرية عميقة تقول جينين بيل، أستاذة القانون بجامعة إنديانا والخبيرة في جرائم الكراهية، "إن هذا الرقم يمثل جزءًا بسيطًا من عدد حوادث الكراهية التي تحدث بالفعل، لكنه يُظهر مدى تعرض الأمريكيين الآسيويين للتمييز وأنواع مختلفة من التنمر والاعتداء". وتضيف بيل أن هناك العديد من الجرائم التي تقع من دون التبليغ عنها، فالمقيمون بطريقة غير شرعية على الأراضي الأميركية يتجنبون عادة الاقتراب من مراكز السلطات مخافة اعتقالهم وترحيلهم إلى موطنهم، رغم الحملات التي تقوم بها بعض السلطات المحلية في الولايات كولاية نيويورك التي تشجع فيها المهاجرين غير الشرعيين على التبليغ عن الجرائم مع ضمان الحماية والحفاظ على سرية بياناتهم. يرى جو شين مواطن أميركي من أصول صينية، "أن الارتفاع المفاجئ في جرائم الكراهية ضد الأمريكيين الآسيويين لا يعدُ وليد اللحظة فحسب، بل يمتد على مدى عقود طويله، لكنه بدا أكثر وضوحًا بعدما انخفضت جرائم الكراهية الإجمالية في عموم البلاد بنسبة 7 ٪ ، وسط إغلاق الشركات والمدارس والتجمعات العامة بسبب انتشار الوباء".. بينما تحاول السلطات الأميركية مستخدمة كافة السبل الممكنة السيطرة على ظاهرة جرائم الكراهية المتعاظمة على تلك الفئة المجتمعية، تفاعل الاميركيون عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع هذه القضية وخرجوا في عدة مظاهرات للتنديد بها، فيما حملت وسائل الإعلام الليبرالية مسؤولية الرئيس السابق دونالد ترمب ذات القاعدة الشعبية الكبيرة مسؤولية ما يحدث، متهمين إياه بتأجيج هذه الموجة من الكراهية وإشعال فتيلها، عندما كان يطلق مرارا وبشكل متعمد على الفيروس اسم "الفيروس الصيني" أو مصطلحات تمييزية أخرى شجعت البعض من مؤيديه سلوك نهج عنصري تجاه المواطنين من أصول آسيوية.. اعتراف بايدن منذ توليه السلطة في يناير، يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن تصحيح هذا المسار المتصاعد لجرائم الكراهية والتعصب العرقي، مهاجما ما وصفها ب"السموم البشعة" للعنصرية المنهجية وتفوّق العرق الأبيض التي ابتليت بها الولاياتالمتحدة ابتليت بها منذ مدة طويلة حسب قوله، معلّقا على ما حدث في أتلانتا بأن بلاده تواجه مشكلات مع العنصرية وكراهية الأجانب ومعاداة المهاجرين ويجب مكافحتها بكافة السبل متعهدا بتغيير القوانين أو تشديد بعضها للحد من هذه الظاهرة.