يمر لقاح أسترازينيكا بمرحلة صعبة إذ يبقى استخدامه معلقا في عدد من الدول على خلفية مخاوف حول السلامة، فيما تواجه المختبرات حملة سياسية في الاتحاد الأوروبي حيث تسجل تأخيرا كبيرا في تسليم الدفعات المطلوبة. وخلصت الوكالة الأوروبية للأدوية الخميس إلى أن اللقاح الذي طورته مختبرات أسترازينيكا السويدية البريطانية بالتعاون مع جامعة أكسفورد "آمن وفعال". وكان يفترض بهذه النتيجة أن تثير ارتياح الشركة بعدما علق استخدام لقاحها لأيام في العديد من الدولة الأوروبية ولا سيما فرنساوألمانيا. فتعليق استخدام اللقاح جاء نتيجة مشكلات في الدم عانى منها عدد من الذين تلقوه وأدى بعضها إلى حالات وفاة. ورصدت ألمانيا تحديدا نسبة غير طبيعية من الجلطات الوريدية الدماغية الخطيرة. فهل أن هذه الحالات على ارتباط باللقاح؟ يبقى هذا السؤال غير محسوم إذ لم يتم إثبات الأمر ولا نفيه، لا سيما أن الإصابات المسجلة، حتى لو كانت على ارتباط باللقاح، نادرة إلى حد أنها لا تبرر تعليق استخدامه في العالم. تلك كانت رسالة سلطة الأدوية الأوروبية، وكذلك الجمعة منظمة الصحة العالمية، وهو أيضا رأي قسم كبير من سلطات الصحة العامة. من جهة ثانية استأنفت دول أوروبية عدة الجمعة التطعيم بلقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا بعد توصية خبراء منظمة الصحة العالمية، فيما فرضت فرنسا إغلاقا جديدا على قرابة ثلث سكانها وأعلنت ألمانيا ارتفاعا "متسارعا" في عدد الإصابات بالوباء. وأكدت منظمة الصحة العالمية أن فوائد لقاح أسترازينيكا المضاد لكوفيد تفوق مخاطره، وفق ما خلص إليه خبراؤها الجمعة، بعدما راجعوا بيانات السلامة المرتبطة باحتمال تسببه بجلطات دموية. وبعد مراجعة بيانات التجارب السريرية والتقارير حول سلامة اللقاح استنادا إلى بيانات آتية من اوروبا وبريطانيا والهند وإلى قاعدة بيانات عالمية من منظمة الصحة، خلص الخبراء إلى أن "البيانات المتوافرة لا توحي بزيادة مشكلات تخثر الدم بعد تلقي لقاحات كوفيد-19". ومن أجل مكافحة الفيروس، استأنفت ألمانياوفرنسا على غرار إيطاليا وبلغاريا وسلوفينيا، حملات التحصين بلقاح أسترازينيكا الجمعة وستقوم دول أخرى بذلك الأسبوع المقبل من بينها إسبانيا والبرتغال وهولندا. ويرى بعض الخبراء أن مختبرات أسترازينيكا تلقت انتكاسة لن تتبدد مفاعيلها، حتى لو أن بعض المسؤولين السياسيين تعمّدوا إعطاء القدوة، وبينهم رئيس الوزراء الفرنسي الذي تلقى بنفسه اللقاح الجمعة. وقال اختصاصي المناعة جان دانيال لولييفر الملحق لدى مستشفيات باريس لوكالة الأنباء الفرنسية "من الواضح أن الأمر سيلحق ضررا، سيكون هناك المزيد من التحفظ" مبديا أسفه ل"الذعر" الذي أحاط باللقاح. وبموازاة هذه المشكلات، تواجه مختبرات أسترازينيكا متاعب على الصعيد السياسي إذ يؤخذ عليها التأخير في تسليم اللقاحات المطلوبة. فبعدما وعدت أسترازينيكا العام الماضي بتسليم الاتحاد الأوروبي كمية من اللقاحات تصل إلى 360 مليون جرعة بحلول منتصف 2021، أقرت الأسبوع الماضي بأنها لن تتمكن من تسليم أكثر من مئة مليون جرعة. وأثار هذا الإعلان استياء بروكسل فندد المفوض تييري بروتون المكلف اللقاحات بوضع "غير مقبول" محذرا المختبرات بأنها "ستحاسب" على ذلك. وتصاعد الخلاف مع توجيه المفوضية الأوروبية الخميس تحذيرا إلى المجموعة، عملا بما ينص عليه العقد معها. وفي سياق متصل تحولت فرنسا، التي كانت واحدة من أوائل المنتقدين للقاح أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) 180 درجة لتعدل عن تصريحاتها بأنه غير مناسب لكبار السن لتسمح باستخدامه لمن هم في منتصف العمر وما بعده، حسبما أفادت وكالة بلومبرج للأنباء الجمعة. وجاء التحول العكسي بشكل رسمي في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" الجمعة، لوزير الصحة أوليفييه فيران قال فيها: "منحت الهيئة الصحية العليا الضوء الأخضر لاستئناف التطعيم بلقاح أسترازينيكا للأشخاص الذين بلغوا سن 55 سنة أو أكثر. ونقلت بلومبرج عن مسؤول في الهيئة، طلب عدم الكشف عن هويته، القول عبر الهاتف، إنه يوصى لمن تقل أعمارهم عن 55 عاما استخدام لقاحات أخرى وفقا للبروتوكول. وكانت بيانات لجامعة جونز هوبكنز الأمريكية ووكالة بلومبرج للأنباء أظهرت الجمعة، أنه تم حتى الآن في فرنسا إعطاء 7.93 ملايين جرعة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد. وتشير البيانات المعلنة إلى أن معدل التطعيم في البلاد هو 225 ألفا و17 جرعة في اليوم. وبهذا المعدل، سوف يستغرق تطعيم 75% من السكان بلقاح من جرعتين عاما وشهرين.