من المعلوم أن اختيار التخصص هو قضية شائكة دائمًا ما تتبادر إلى أذهان الطلاب المقبلين على المرحلة الجامعية، فالكثير منهم يختارون تخصصات عشوائية بسبب ضعف التوجيه أو ضعف الوعي الكافي لتحديد مهاراتهم وقدراتهم الذاتية وإمكاناتهم ورغباتهم، بل والأدهى أن البعض حاصل على شهادات جامعية لا تتوافق مع مجال أعمالهم، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضعف القيمة الفعلية للشهادة الجامعية بشكل كبير، يجب أن نتذكر جميعًا أن الكلية استثمار للمستقبل، من هذا المنطلق أردت كتابة هذه المقالة المختصرة لشرح العوامل التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار لمن يخطط لاختيار التخصص الجامعي؛ علّها تكون معينًا له في تحديد مستقبله العملي. في نظري هناك عدة عوامل مهمة ينبغي وضعها في الحسبان، أولها -وقد يكون الأهم في رأيي-: حدد أهدافك، واعرف مهاراتك وشخصيتك، ولاحِق اهتماماتك وشغفك الشخصي عن طريق معرفة الهوايات والمواد المفضلة لديك، فهي التي ستقودك إلى حياة مشرقة تتعلم وتبدع فيها أكثر وبسعادة؛ لأن التخصص متوافق مع أهدافك ورغباتك، ولذلك فإن متابعة شغفك هو أفضل مقياس لاتخاذ القرار بشأن اختيار التخصص الجامعي، وبالمناسبة أقترح عدم الالتفات لما يقوله بعض الناس من أن التخصص الفلاني «فاشل» وإلى ما ذلك، فكل اختيار له قيمته وله أيضًا مهمته في بناء المجتمعات، لذلك اجعل قرار اختيار تخصصك الجامعي هو قرارك الشخصي وليس مربوطًا بأحد، فالأمر ليس محصورًا فقط على ضمان الوظيفة المستقبلية، بل بحياة جامعية متكاملة، فما فائدة الوظيفة إذا كانت تتطلب تخصصًا جامعيًّا لا ترغبه؟! ثانيًا: أنصح بالتحدث إلى الطلاب الأكبر سنًا الذين يدرسون نفس المجال والأساتذة الجامعيين والموظفين؛ وذلك للحصول على أكبر قدر من المعلومات وأجوبة لبعض التساؤلات. ثالثًا: يجب أن تضع بعين الحسبان أن التخصصات تتطور والأولويات تتغير؛ لذلك من المهم أن نركز على تعلم مهارات جديدة وتجنّب أن تحصر نفسك في المواد الجامعية بحيث تضيف إلى التخصص أبعادًا تساعدك في مواكبة عالمنا المعاصر، ومن المهم أيضًا معرفة نوع الوظائف التي ستكون مطلوبة -ولو نظريًّا- في المستقبل. وفي الختام: من الواضح أن اتخاذ قرار التخصص الجامعي هو حتمًا بالأمر الذي يحتاج إلى المعرفة الواسعة والتحليل العميق، وطبعًا من الصعب أن نجد برنامجًا دراسيًّا واحدًا يضمن لك كل ما ذكرت، ولكن يمكنك تحديد وجهتك في نهاية المطاف بعد الأخذ بالنصائح التي ذكرتها. وفق الله الجميع لما فيه الخير. *باحث في علوم وهندسة المواد