في الثامن من شهر مارس كل عام يقف العالم تقديرًا وتكريمًا للكائن البشري العجيب، والنصف المخلوق من عوج ليكون المتكأ والمستند، أمواج البحر المتلاطمة ونفحات الغيث الباردة، موطن السلام، وواحة الأمان، الشموخ والانكسار اللهفة والحنان، الانهيار والثبات، السكينة والسكون، الحب والجنون، الغيرة والحيرة، الجمال والدلال، مزج عجيب من خالق مبدع عظيم تركيبة لا تستطيع فهمها مهما بلغت من العلم والتأثير، ولا يمكنك فك طلاسمها مهما ادعيت الخبرة والتمكين، هرمونات ثائرة، وطاقات متجددة وبركان عواطف لا يستقر ولا يهدأ، زلازل حب وغيرة لا تنفد، نظرة منها تغير مجرى التاريخ، وكلمة منها تقود للمستحيل، تروض الصعب، وتصنع العجب، هي المكملة للرجل وهي الكل للعالم، فهي الأم، وهي الأخت، وهي الزوجة، وهي الجدة، وهي العمة، وهي الخالة، هي كل المعاني وهي كل الحضور العالي. حملت على عاتقها هذا الكوكب فأشرق بها واستنار! وحين سكب الحزن فيها وطنًا تأمل الحال! فقدنا الجمال واعترتنا الحيرة وضاعت منا البسمة وسكنا مدن الخيال! هي الزينة وهي الرزينة، وهي متاع الحياة الدنيا الرطيبة، لو ظللنا نكتب عنها لما استوعبتنا أجهزة التقنية الحديثة، ولا الأوراق الكثيرة، فالمرأة هي رحم الحياة ورحمته، ولها التقدير والكرامة كل يوم وليس يوم واحد من كل عام؟ لكن هذا لا يمنع أن نُذكر بفضلها، وندعو لها، ونكتب لها نحن هنا معك اليوم، وكل يوم، وكل شهر، وكل سنة، ولكل الأعوام ما ينبض فينا القلب وما يفتعل القلم، وما يتطلبه الوضع والحال. أيتها المكرمة في القرآن بسور تسمى باسمك، وبآيات تترنم بذكر فضلك وقدوات في الجنة تنتظر صحبتك، أيتها الموصى عليك من نبيك الكريم، والويل والتهويل والتحقير لمن قلل شأنك وأهان قدرك، تعرفي على ما أهداه لك دينك الإسلامي العظيم بعدما كنت بالوأد تستقبلين وبالويلات تمطرين، وبالحرمان من حقوقك تُعاقبين. لستِ يوما انتِ كل الأيام، ولكِ أن تعرفي أن عصرك الآن هو عصر التمكين، حكومة رشيدة بدينها متمسكة وللمرأة مقدرة وممكنة، تنتظر منك أن تكوني لما قدمته لك من حقوق وامتيازات حكيمة، ولتدركي أن هناك من خلف الأسوار من يبذل النفس والنفيس ليزعزع عرشك، ويبيد ملكك، وينبت بذور الشك في قلبك ضد دينك ووطنك وأهلك ليقذف بك لقارعة الطريق مهمشة تائهة بلا دليل، لقمة سائغة للشاربين، فكوني الأصيلة والقيمة العظيمة، فأنتِ موضع التقدير، واكبي التغيير بالتنمية والتطوير، فقدراتك مورد عظيم، وطاقاتك فيض غزير، وإرثك هو قلبك الحنون، ومجدك عقلك الجبار، الذي يرى القادم أملا وربيعا مهما كان الخطب كان فؤادك هو العالم الخصب! الذي يستحق أن نتظلل به ونمنحه كل الكرامة والمحبة، والرحمة، والعطف، والتقدير، والاحترام والصبر والتيسير كل لحظة وكل يوم ولنحتفي به كل حين، ولنكن له مطافئ الحريق مهما اشتعل غضبًا، بوابات العطاء له لا نبخل، مدن المغفرة نسامح ونرحم، شلالات السكينة له نسمع ونعذر، نحتفي به كما نحتفي بالضيف ونُكرم، فهنا فقط نملك زمام قلبها، ونفجر قدراتها، وننعم ببحرها، وسمائها، وأمطارها، وثمرها، وكنوزها، ونتسيد على كل الكوكب، فالعبقرية امرأة، والحضارة امرأة، والسعادة امرأة، والجمال امرأة، والحياة امرأة.