في صيف عام 1957، تسافر ممثلة فرنسية طموحة إلى هيروشيما في اليابان للعمل على فيلم مناهض للحرب. دمرت المدينة بالكامل عندما ألقى الأميركيون قنبلة نووية عليها في نهاية الحرب العالمية الثانية، ولكن الآن أعيد بناؤها ولا تظهر عليها علامات الدمار الماضي. خلال إقامتها القصيرة، تلتقي المرأة بمهندس معماري ياباني ويتمتع الاثنان برومانسية عابرة، إنها حريصة على التحدث عن هيروشيما، لكنه يصرّ على أنها لم تر شيئًا في المدينة. يبدأ الفيلم بواحد من أكثر المشاهد الافتتاحية -لفتًا للانتباه في السينما- وهو عبارة عن مونتاج مؤلف بشكل جميل وحميمي من اللقطات المقربة لزوجين. رجل وامرأة مستلقيان على ذراعي بعضهما البعض في هيروشيما. تملأ أجسادهم الشاشة في صورة مجردة مضيئة من الرغبة. لم يسبق أن تعرّض الجمهور لمثل هذا التعبير العلني عن الرغبة، ومع ذلك فإن هذا التسلسل المصمم ببراعة يتجاوز مجرد الإثارة. تروي «إيلي»، علاقتها الغرامية الأولى، مع جندي ألماني قبل تحرير فرنسا مباشرة في عام 1944. نظرًا لأن «لوي»، الرجل الياباني لا يزال يعاني من صدمة بسبب تذكّره للانفجار، فإن المرأة الفرنسية لا تزال تعاني من الندوب الكئيبة لمغامرتها العاطفية الأولى. كلما فكروا أكثر في ماضيهم، كلما أدرك بطلا الرواية أنهما واقعان في الحب. «هيروشيما حبيبتي»، تحفة حداثية تجمع بين قصة حب مؤثرة استثنائية مع انعكاس كئيب على وحشية الإنسان تجاه الإنسان. إنه فيلم لايزال يتمتع بصدى قوي، ليس فقط لأنه يتعامل مع موضوعات عالمية وغير قابلة للتغيير، ولكن لأنه يجلب قربًا مرعبًا من احتمال الإبادة النووية. قد لا يبدو الحب والدمار الشامل العالمي بمثابة رفقاء محتملين، لكن تجاورهم في هذا الفيلم فعّال للغاية ويعيد التناقض الكبير في التجربة الإنسانية، وقدرتنا على الحب وشنّ الحرب بنفس الشدة. لعل عدم قدرتنا على نسيان ما حدث لهيروشيما هو تعبير عن الحب، ولكن هل هو مجرد ذنب يتنكر في شكل حب؟ هذا الارتباك العاطفي هو في جوهره ما يدور حوله هذا الفيلم. واحدة من العناصر الرئيسة للفيلم -العلاقة بين الوقت والذاكرة- هي تلك التي كان «رينيه»، يستكشفها في العديد من أفلامه اللاحقة (ولكن ليس بالوضوح الشديد الذي نراه هنا). نظرًا لأن حقائق الماضي والحاضر للبطلة متداخلة، نشعر أن الوقت هو ظاهرة خادعة تمامًا. تمحو الذاكرة أي فكرة عن الفصل الزمني، كما لو أن مجموعتين من تجارب البطلة تحدثان بشكل متزامن، إحداهما تلوّن الأخرى. أول فيلم روائي طويل من إخراج «آلان رينيه»، فيلم بدأ كفيلم احتجاجي ضد القنبلة الهيدروجينية. بعد عدة محاولات، أدرك «رينيه»، أنه غير جاهز لتصوير فيلم عن القنبلة الذرية. اعترف بنفس القدر للروائية «مارغريت دوراس»، فأجابت: لماذا لا نجعل الفيلم قصة حب؟ ناشدت هذه الفكرة الواقعية «رينيه»، ولذلك أقنع «دوراس» بكتابة السيناريو، وهو الأول لها في السينما. لم تكتف «دوراس»، بإخراج «رينيه»، من مأزقه الإبداعي فحسب، بل مكّنته أيضًا من صنع واحدة من أرقى القطع الفنية السينمائية، وهي قطعة تستحق نسبة لا بأس بها من الفضل جنبًا إلى جنب مع الممثليين الرئيسيين، «إيمانويل ريفا» و»إيجي أوكادا».