شارك صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، أمس، في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته ال "155"، المنعقد بمقر الجامعة العربية في القاهرة. وتقدم سموه في بداية كلمته بالتهنئة لمعالي وزير خارجية جمهورية مصر العربية سامح شكري على نجاحه في رئاسة الدورة (154) للمجلس الوزاري، كما تقدم بالتهنئة لمعالي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لتوليه مسؤولية إدارة الدورة الحالية (155) للمجلس، كما توجه سموه بالشكر والتقدير لمعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ولجميع منسوبي الأمانة العامة على ما يقومون به من جهود لخدمة العمل العربي المشترك خصوصاً في هذه الظروف التي يشهدها العالم نتيجة جائحة كورونا. وجدد سمو وزير الخارجية تأكيد المملكة على أهمية وضرورة تعزيز العمل العربي المشترك، والتمسك بالمواقف الثابتة تجاه القضايا العربية المركزية، التي تأتي القضية الفلسطينية على رأسها، مضيفاً أن المملكة تؤكد على موقفها الثابت بوقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني ودعمها لجميع الجهود الرامية إلى الوصول لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وتؤكد على أن السلام يجب أن يكون خياراً استراتيجياً يضمن استقرار المنطقة. ودعا سمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله المجتمع الدولي لبذل المزيد من الجهود لإحياء عملية السلام التي تحقق إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود العام 1967م، وعاصمتها القدسالشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية. كما جدد سموه رفض المملكة لجميع ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وأراضيه المحتلة، مشيراً إلى نتائج أعمال الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب في فبراير الماضي، قائلاً: "نتفاءل فيه بخطوات مستقبلية تضامنية وتعاونية تجاه القضايا العربية بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص". وأعرب سمو وزير الخارجية عن أمله بأن يثمر العمل الجماعي بتحقيق أهداف العمل العربي المشترك، مضيفاً أن المملكة تؤكد اهتمامها وحرصها على وحدة وسيادة وسلامة الأراضي العربية، ولا تقبل بأي مساس يهدد استقرار المنطقة، وتدعم الحلول السياسية للأزمات في المنطقة، كما تؤكد المملكة على أهمية التوصل إلى اتفاق عادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة بما يحقق مصالح جميع الأطراف. وعبر سمو الأمير فيصل بن فرحان عن ترحيب المملكة بتنفيذ الأطراف اليمنية لاتفاق الرياض، والإعلان عن تشكيل حكومة كفاءات سياسية تضم كامل مكونات الطيف اليمني، وأن المملكة تثمن حرص الأطراف اليمنية على إعلاء مصلحة اليمن، وتحقيق تطلعات شعبه لإعادة الأمن والاستقرار. وأكد أن تنفيذ اتفاق الرياض خطوة مهمة في سبيل بلوغ الحل السياسي وإنهاء الأزمة اليمنية، وأن المملكة تدين التصعيد الأخير في مأرب والهجمات الإرهابية بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي قامت بها ميليشيا الحوثي على المملكة. كما ثمن سموه الموقف العربي الموحد الرافض لهذه الممارسات التي تقوض فرص الحل السياسي وإعادة الاستقرار في اليمن. ودعا سمو وزير الخارجية إلى التعاطي الإيجابي مع جهود المبعوث الأممي الخاص في اليمن، مؤكداً على موقف المملكة الداعم للوصول إلى حل سياسي شامل وفق المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216). وأكد سموه أن المملكة تواصل مساعيها الحثيثة لرفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق ودعم الاقتصاد اليمني، إذ تعد من أكبر الدول المانحة لليمن، وقدمت عدداً كبيراً من المبادرات والإجراءات لدعم وتعزيز الوضع الاقتصادي والإنساني فيه، مشيراً إلى التزام المملكة الأخير بمبلغ 430 مليون دولار للمجهود الإنساني للعام الجاري 2021. كما أكد على وحدة وسلامة الأراضي الليبية وسيادتها الإقليمية، محذراً من خطورة التدخلات الإقليمية في الشأن الليبي، وأن المملكة تدعم مخرجات مؤتمر برلين وبنود إعلان القاهرة، ونتائج تصويت منتدى الحوار السياسي الليبي الذي عقد في جنيف يوم 5 فبراير 2021م برعاية من الأممالمتحدة، مرحباً سموه بتشكيل هذه الحكومة متمنياً لها التوفيق والنجاح في تحقيق تطلعات الشعب الليبي بالوحدة والأمن والنماء. وقال سمو وزير الخارجية إن المملكة تدعم الأشقاء في العراق لتحقيق الاستقرار على كافة الأصعدة بعيداً عن التدخل في شؤونه الداخلية، مشيراً إلى أهمية التعاون المشترك في مواجهة خطر التطرف والإرهاب بوصفهما تهديداً وجودياً لدول المنطقة والعالم. وأضاف، إننا في المملكة نؤكد على خطورة التهديدات التي تواجهها منطقتنا العربية، وما يقوم به النظام الإيراني من تجاوزات مستمرة للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، بتهديده أمن واستقرار دولنا والتدخل في شؤونها الداخلية ودعم الميليشيات المسلحة التي تبث الفوضى والفرقة والخراب في كثير من الدول العربية، وعلى رفضنا القاطع لاحتلاله للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى). وجدد سموه مطالبة المملكة للمجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء ما تشكله هذه الممارسات الإيرانية العدائية من تهديد للأمن والسلم الدوليين. ودعا سمو وزير الخارجية في ختام كلمته الله سبحانه أن يكلل هذا الاجتماع بالتوفيق والنجاح وأن نكون دوماً عوناً وإخوة مجتمعين على بناء مستقبل واعد للأجيال القادمة في وطننا العربي. حضر الاجتماع الوزاري، الوفد المرافق لسمو وزير الخارجية، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدولية المتعددة السفير عبدالرحمن الرسي، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية مصر العربية مندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية أسامة بن أحمد نقلي، ومدير عام مكتب سمو وزير الخارجية الأستاذ عبدالرحمن بن أركان الداود. إلى ذلك أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري دعم بلاده الكامل للإجراءات السعودية من أجل حماية أراضيها في مواجهة الاعتداءات الحوثية المتكررة، مشددًا على دعم مصر لجميع الجهود الرامية لإنهاء الصراع في اليمن. ودعا شكري في كلمته الجانب الحوثي إلى الاستجابة للمبادرات الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية على أسس قرارات الشرعية الدولية وبما يحفظ وحدة اليمن، مبينًا أن مسؤولية إنجاز هذا الهدف يتحملها الجميع، ومصر على أتم الاستعداد لبذل الجهود لكي يعود اليمن سعيدًا كما كان. وأشار إلى أن تحقيق الاستقرار الدائم في ليبيا يتطلب وقف التدخلات الخارجية وضرورة استمرار احترام وقف إطلاق النار، لافتًا النظر إلى أن اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بمتابعة التدخلات التركية في الشؤون العربية أكد الرفض القاطع لاستمرار التدخلات التركية في المنطقة، التي تنطوي على وجود قوات عسكرية تركية على أرض دولة عربية، ولا شك أن هذه السياسات لم تؤدِّ إلا إلى تعميق حدة الاستقطابات والخلافات. وأفاد وزير الخارجية المصري بأن عودة سورية للحاضنة العربية كدولة فاعلة ومستقرة هو أمرٌ حيوي من أجل صيانة الأمن القومي العربي، منوَهًا بأهمية وجود إرادة للتوجه بشكل عملي نحو الحل السياسي القائم على قرارات مجلس الأمن لاستيعاب المعارضة الوطنية وتخفيف حدة النزاع في البلاد وضرورة أن يسير الحل السياسي في سورية قُدمًا مع خروج القوات الأجنبية من جميع الأراضي السورية.