السياحة واحدة من أسرع القطاعات نموًا في العالم، وخلال الأعوام الثمانية الماضية توسع القطاع السياحي بمعدل يفوق المتوسط العالمي، ووفقًا للمجلس العالمي للسفر والسياحة، يساهم القطاع بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، حيث في العام الماضي وصل النمو السياحي إلى 3.9 % مقابل نسبة نمو تعادل 3.2% للاقتصاد العالمي، ومن المتوقع نمو القطاع السياحي بنسبة 3.7 % بحلول عام 2029، وستسهم بما يزيد على 13 مليار دولار في الاقتصاد العالمي بما تعادل 11.5 % من الناتج المحلي العالمي، حيث يساهم هذا الأمر في توليد الفرص الاستثمارية المجدية للمستثمرين بالداخل والخارج، كما يدعم القطاع السياحي 319 مليون وظيفة على مستوى العالم، ومسؤول عن خلق وظيفة مقابل كل خمسة وظائف يتم توفيرها في السنوات الخمس الأخيرة. في هذا الاتجاه، تعمل المملكة على تطوير البنية الأساسية والخدمات بهدف الاستعداد للطلب المتزايد بما يتوافق مع استراتيجية السياحة في المملكة، حيث تم توقيع مذكرات تفاهم زادت قيمتها عن 115 مليار ريال لتحسين البنية التحتية، وزيادة المعروض من الغرف الفندقية، كما تسعى المملكة بالتعاون مع المستثمرين من الداخل والخارج والصناديق الاستثمارية المحلية ومن بينها صندوق التنمية السياحي إلى بناء 500,000 غرفة فندقية في جميع أنحاء المملكة بحلول عام 2030، أيضًا تستهدف المملكة زيادة الطاقة الاستيعابية لمطارات المملكة بأكثر من 100 مليون مسافر سنوياً. في ظل ذلك، اعتمدت المملكة الاستراتيجية الوطنية للسياحة، والتي رسمت الخطوط العريضة لطموحات القطاع التي تتوافق مع تطلعات رؤية المملكة 2030، حيث تهدف إلى رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي من 3% كما هو اليوم، إلى ما يزيد على 10% في عام 2030، كما يستهدف القطاع السياحي توفير مليون فرصة عمل إضافية ليصل الإجمالي إلى 1.6 مليون وظيفة في القطاع السياحي، ويهدف أيضًا إلى جذب 100 مليون زيارة سنوية دولية ومحلية. من جهته قال رئيس قسم السياحة والفندقة بجامعة أم القرى الدكتور محمد باقادر، الرؤية الطموحة للمملكة 2030 تتطلّع لخلق مصادر تنموية جديدة تساعد في نهضة هذا البلد المعطاء، والسياحة أحد تلك المصادر لما يوجد بالمملكة من مقومات سياحية بأنواعها المختلفة "السياحة الريفية والتراثية والثقافية والساحلية" والعديد من أنواع السياحة، وأشار باقادر، هذا النوع من التنمية يحتاج إلى ظروف مناسبة تساعده في التطور والازدهار، وكانت باكورة هذه الظروف فتح المملكة أبوابها للسياح من خلال التأشيرة السياحية في عام 2019م لأول مرة، ومن ثم إعداد وتجهيز المواقع السياحية بناءً على احتياجاتها كالبنى التحتية والخدمات، ولفت باقادر، وجود الترويج والتشجيع المناسب للسياحة في المملكة، أدى ذلك إلى وجود المملكة في خارطة السياحة العالمية من خلال الترويج لمواقع سياحية عديدة وتسجيل مواقع في منظمة اليونيسكو "مواقع التراث العالمي" مثل العلا والدرعية وجدة التاريخية والسودة وغيرها الكثير، كما قطعت المملكة شوطاً كبيرًا في هذا المجال بالتعاون مع الجهات المعنية كوزارة السياحة ووزارة الثقافة وهيئة الترفيه وصندوق الاستثمارات العامة، ومع القطاع الخاص المعني بتوفير الخدمات السياحية، وكان نتاج هذا التعاون عدد من المشاريع السياحية الضخمة، منها مدينتي نيوم وآمالا الساحليتين وقرية القدية الترفيهية، والمشاريع التي اهتمت بالمواقع السياحية في المملكة ضمن مشروع مواسم المملكة وغيرها من مشاريع ومبادرات، وأكدّ باقادر، لهذا النوع من السياحة مردود اقتصادي كبير، حيث تعتمد دول عديدة على مستوى العالم على السياحة لتكون موردا تنمويا قد يصل إلى 30% من اقتصاد الدولة، إمّا أن يكون بشكل مباشر من خلال الإيرادات والضرائب واستبدال العملات وتنشيط الاقتصاد المحلي والعام، أو بشكل غير مباشر من خلال خلق وظائف والارتقاء بجودة الحياة وتطوير البنية التحتية، اليوم المملكة في خضم مرحلة مهمة لتطوير السياحة والتي سوف تظهر نتائجها في القريب العاجل مما سوف يساهم بشكل كبير في تحقيق رؤية المملكة 2030. بدوره أشار أستاذ السياحة والضيافة المساعد بجامعة أم القرى الدكتور علي القاسم، يُعد قطاع السياحة والضيافة في المملكة من القطاعات الاقتصادية الناشئة والأسرع نموًا، حيث أدركت المملكة مؤخرًا في ظل قيادتها الرشيدة أهمية التنويع الاقتصادي بإيجاد بدائل للدخل، من بين هذه البدائل قطاع السياحة والضيافة، فقد توجت هذه الجهود باعتراف الحكومة بالدور البارز الذي يمكن أن تلعبه السياحة كقوة دافعة للتنمية الاقتصادية والبشرية في المملكة مع رؤية 2030، ويتمثل أحد أهداف هذه الرؤية في تحويل السياحة والضيافة إلى قطاعات اقتصادية رائدة تساهم بشكل أكثر بفاعلية في الناتج المحلي الإجمالي ودعم الاقتصاد الوطني، وذكر القاسم، من هنا عملت الدولة ممثلة بصندوق الاستثمارات العامة ووزارة السياحة على تطوير مشاريع عالمية هي الأكبر من نوعها، مثل نيوم، ذا لاين، البحر الأحمر، امالا، القدية، ومؤخرا مشروع السودة وغيرها الكثير، حيث إن هذه المشاريع وهذا التوجه من الدولة ليس فقط وضع المملكة على خارطة السياحة العالمية، بل أنها ستغير خارطة السياحة العالمية، لأنها تبني صناعة سياحية هي الأضخم من نوعها والأهم على مستوى العالم، وأكدّ القاسم، المملكة ستغير النظريات العلمية المعروفة في تطوير الوجهات السياحية، وأن النموذج السعودي سيُدرس قريبًا في الجامعات العالمية المهتمة والمختصة بالسياحة والضيافة كنموذج فريد وغير مسبوق، وقال القاسم، التنوع في المشاريع والأنماط السياحية يصحبه عوامل جذب أخرى مهمة تمتلكها المملكة، منها التنوع في الموارد الطبيعية والصناعية، والتنوع الثقافي، وهذه المقومات هي ما يبحث عنه السائح الأجنبي والمواطن والمقيم، لذلك قريبًا ستكون المملكة وجهة رئيسة للسياح من جميع دول العالم لاكتشاف المملكة واكتشاف ثقافتها وموروثها الفريد، وسوف تتقلص السياحة الخارجية بنسبة جيدة جدًا، حيث سيجد المواطن والمقيم كل ما يحتاجه وأكثر من وجهات وأنماط وموارد جذب سياحية تغنيه إلى حد كبير عن السفر للخارج، وبالتالي سيقلل ذلك من هجرة الأموال لخارج المملكة والاستفادة منها لتحقيق النمو الاقتصادي، ولفت القاسم، النمو السياحي في أي بلد يزيد من نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وخلق فرص وظيفية كثيرة جدًا، حيث هذه المشاريع سوف تقلص نسبة البطالة بشكل كبير من خلال المشاريع التي ستنمو وتزدهر تلقائيًا مع النمو الاقتصادي العام للمملكة، ومن المتوقع حتى عام 2030 أن تتوفر أكثر من مليون وظيفة في قطاعات السياحة المختلفة. بدورها ذكرت وكيلة قسم السياحة والفندقة بجامعة أم القرى الدكتورة ريم الحسني، مشاريع ضخمة وخطى تطويرية جبارة تشهدها المملكة في رؤيتها 2030.. ومن أبرز هذه المشاريع نيوم مدينة الأحلام، مدينة تعانق الثلوج في الشتاء وتحتضن رمالها الذهبية سواحلها، مدينة تجمع بين التنوع الجغرافي وتعدد الثروات الطبيعية، ومركزًا للتطوير في جميع المجالات تكنولوجيًا واقتصاديًا، كل هذه العوامل جعلتها تكون مرفئا سياحيًا يدعم ويحمل تباشير الخير لاقتصاد المملكة، ونوهت الحسني، رؤية 2030 لم تقتصر على مواقع محددة، بل توسعت الرؤية في اختيارات صائبة لعدة مدن أخرى، كالقدية وامالا وذا لاين، حيث كل هذه المدن تُعد إنجازًا ثقافيًا وترفيهيًا واجتماعيًا، الأمر الذي من شأنه يدعم السياحة في المملكة وينهض بها نهضة عالمية تنافس أكبر المدن السياحية في العالم، وأكدت الحسني، جميع هذه التطورات والخطى الواسعة سوف تدعم الاقتصاد الوطني من خلال ظهور قطاعات جديدة ومميزة وداعمة، حيث سوف يقل الاعتماد على مورد وحيد للدخل، وذلك عن طريق إعادة التكيف الاقتصادي متجاوزًا بذلك تقلبات أسعار النفط. نيوم.. مشروعات نوعية غير مسبوقة عالمياً مشروع السودة في أبها.. السياحة الصيفية