تسعى أقسام الإعلام بمكوناتها الأكاديمية وتخصصاتها الاعلامية في جامعاتنا لتحقيق اهداف علمية وعملية تتمثل في تهيئة وتجهيز طلاب ملائمين لممارسة مهنية جادة ومنضبطة وواعية في مجال الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب بالإضافة إلى ما يخص النشر الإلكتروني. ومعلوم أن بواكير النشاط الإعلامي في المملكة قد بدأ بالصحافة التي مرت بتحولات وتبدلات في مسيرتها ثم الإذاعة فالتلفزيون مما ساهم ذلك في تشكل الحالة الاعلامية والصحفية بشكل أوضح خصوصا في بداية التسعينات والتي شهدت في منتصفها تدريس الإعلام وتأسيس أقسام له فكانت الأسبقية لجامعة الإمام محمد بن سعود في ذلك حتى ان تحول إلى كلية إعلام واتصال واستمرت الأقسام الاعلامية في الجامعات السعودية وتفاوتت في برامجها وتخصصاتها وموادها وخططها. لذلك ونحن في عصر الرؤية كان هناك استشعار حقيقي ووطني من قبل مسؤولي كليات الاعلام وأقسامها بالحاجة إلى إعادة صياغة حقيقية ناجعة توازي وتواكب التطوارات المختلفة في الاتصال أو التطلعات الوطنية التي ترتكز على مخرجات الاقسام الاعلامية لصناعة واقع اعلامي مهني ووظيفي وكذلك ما يمكن أن يناسب ويستوعب كافة المتطلبات وبرامج التحول الوطني في مجال الاتصال. ولعل الاجتماع التشاوري الأول لعمداء كليات وأقسام الإعلام في المملكة الذي انتخب فيه النشط الأمير سعد بن سعود عميد كلية الاعلام والاتصال في جامعة الإمام رئيساً للجنة التشاورية المشتركة بين الجامعات السعودية لكليات وأقسام الإعلام والاتصال في دورتها الأولى وجمع منسوبي الاعلام في الجامعات الحكومية والأهلية وأقيم بالأمس دليلا واضحا أن الرغبة في التنسيق العملي والعلمي بات مؤكدا وضروريا، كما أنه مؤشر على إدراك هذه المؤسسات العلمية لقيمة الاعلام والاتصال ومستجداته أولا ثم أهمية مراجعة وتقييم واقع أقسام الاعلام المختلفة في تلك الجامعات للوصول إلى رؤى تتناسب والمرحلة. وتضمن ذلك في طرح الأمير سعد رئيس اللجنة التشاورية حينما وضح أن هذا الاجتماع هو للتشاور وتطوير الأداء في دراسة الإعلام، ورفع مستوى الأداء من خلال دراسة الأفكار والتجارب المشتركة بهذا الشأن وتعزيز مفهوم المنظومة المتعلقة بين الجامعات والاستفادة من التجارب في مجال الإعلام بما يحقق نقل الخبرات وتعميم الفائدة على كليات وأقسام الإعلام لينعكس على مخرجات ما تقدمه من برامج تلبي متطلبات سوق العمل في المملكة. لذلك اتمنى تضع اللجنة بعض النقاط المهمة في أجندة التطوير القادمة فمثلا أجد أن الواقع الاتصالي والتواصلي الجديد وفلسفته ومتطلباته ومستجداته يطغى كثيرا على المساحة التقليدية في الاعلام فيتوجب تبديل فلسفة ومصطلح الاعلام إلى اتصال وتواصل (يشمل منتجات التواصل الاجتماعي) فيكون أشمل وأوعى. يفترض اعادة بناء أقسام الاعلام بحيث تكون مخرجاتها تتلاءم وتتوازن مع الفرص السوقية ذات العلاقة بالواقع الجديد (كالاتصال التسويقي، الحملات الالكترونية، تحليل المواد الاتصالية، ادارة وسائل التواصل، ابتكار الاعلان) وكذلك يكون هناك برامج تعليمية تبني الصحفي التواصلي والمذيع التواصلي ومحرر النشر الالكتروني، وصنّاع المحتوى، وصحافة الموبايل، والذكاء الاصطناعي، وصحافة الغمر، وغرف الأخبار الساخنة والالكترونية وغيرها. أتمنى يكون لدى أقسام الاعلام خطط وبرامج وقبلها بنى تحتية رقمية واتصالية وبيئة مستقرة ومهيئة، وأجهزة وتقنيات مواكبة وتسد الاحتياج التدريبي في الواقع الجديد. أتمنى تحول الكليات والأقسام إلى مراكز للدراسات الإعلامية خصوصا التطبيقية التي تسهم في تطوير الصناعة الاتصالية والتواصلية والنشاطات التدريبية لغير الطلاب المعتمدين وتقدم شهادات ودبلومات برؤى منضبطة ومحددة كتجربة كلية الاعلام والاتصال في دبلومات الاعلام المتخصص. أتمنى تبادل الخبرات الاكاديمية بشكل زيارات أكاديمية لفترة فصل مثلا بين الأقسام والكليات للاستفادة من تنوع الطرح والثقافة والتخلص من نمطية الاقسام. التنسيق فيما يتعلق بالدراسات العليا حيث يتم التخصص في مجالات معينة في الاتصال لكل قسم فينفرد بها دون آخر لكي تتنوع المخرجات.