بآليات مُحكمة، وأساليب علمية مدروسة، تمكن قطاع الثقافة في المملكة من ترسيخ أقدامه في المجتمع، وبدأ يقدم نفسه ضيفاً جديداً في عالم الاستثمارات الجادة التي تجني من ورائها المملكة أرباحاً لا بأس بها، مع قيام القطاع بكل واجباته في الارتقاء بثقافة المجتمع وتعزيزها بالأنشطة والفعاليات الثقافية، فضلا عن تبني المبدعين والمبدعات في الكثير من الفنون والثقافات، ومن أجل هذا، تسلح القطاع بحزمة من المبادئ والأسس التي تحقق له كامل أهدافه. ففي وقت مبكر جداً، أدرك ولاة الأمر أن المملكة لديها كنز كبير غير مُستغل، وهو تراث ثقافي موغل في القدم، هذا التراث لا يقتصر على منطقة دون سواها، وإنما يشمل مناطق المملكة ال13، وهنا جاء دور رؤية 2030 التي أعلنها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في صيف 2016، هذه الرؤية تأكد لها أن القطاع الثقافي يستطيع أن يساهم بما نسبته 3 في المئة من الدخل القومي للبلاد، لو أنه استثمر الموروث الثقافي للمملكة بالشكل الأمثل، وبرؤية اقتصادية بحتة، تستطيع أن توظف إمكانات المملكة الثقافية والفنية بما يضمن لها دخلاً وفيراً من جانب، ويعزز الأنشطة والفعاليات الثقافية من جانب آخر، ومن هنا جاءت التعديلات والإجراءات التي أعلنت عنها وزراة الثقافة، وأسست بها عصراً جديداً لثقافة مثمرة، تعطي بقدر ما تأخذ. الرؤية حرصت على تغيير المفاهيم القديمة المترسخة في "الثقافة"، وتحويلها من قطاع يحتاج إلى ميزانيات كبيرة من خزينة الدولة لتسيير أعماله وأنشطته المعتادة إلى قطاع استثماري، لديه ما يراهن عليه من مشاريع نوعية تقدم خدمات غير مألوفة، قادرة على استقطاب رؤوس الأموال، من الداخل والخارج، ومن هنا أوعزت الرؤية لوزارة الثقافة تعزيز العمل على ثلاثة مسارات، وهي تكريس الثقافة كنمط حياة، وتعزيز الثقافة من أجل النمو الاقتصادي، والثقافة من أجل تعزيز مكانة المملكة الدولية والتعريف بالمجتمع السعودي، وتسلح كل مسار بأدواته التي تحقق كامل التطلعات الثقافية والاقتصادية. ولم تنس الرؤية أن تعلن على الملأ أن الثقافة باتت جزءاً أساسياً من برنامج التحول الوطني الطموح، الذي تسير عليه البلاد، ونصت الرؤية على أن الثقافة من مقومات جودة الحياة، وأكدت أن المملكة في حاجة إلى زيادة نشاطها الثقافي، ولكن من منظور اقتصادي يضمن استمرارية الاهتمام بالقطاع، ودعمه بما يحتاج من ميزانيات، تحافظ على المقومات الثقافية وتثريها، ومن هنا أولت الرؤية اهتمامها بهذا القطاع من خلال مشاريع جديدة، واستحداث مجالات ومسارات ثقافية، تحتضن أكبر قدر من الفنون. وعندما تستحدث الوزارة 13 هيئة جديدة، فهي هنا تمهد الطريق لمجالات قادرة على جذب الاستثمارات بفرص متساوية بين تلك الهيئات، بدءاً بالأفلام والمتاحف ومروراً بالمسرح والفنون، وليس انتهاءً بالأزياء وفنون الطهي، ليس هذا فحسب فهي أيضاً تسعى إلى وضع ملامح تنمية القطاع الثقافي، وتكون الجهة الموجهة الدافعة لإحداث التحول الثقافي المنشود في المملكة، ووضع وتطوير السياسيات العامة، وإجراء الإصلاحات القانونية الضرورية لتعزيز الفرص الاستثمارية، وإرساء البيئة التمكينية الثقافية في المملكة، كما تحرص الوزارة على بناء الشراكات وتوثيق العلاقات مع من مختلف الجهات والهيئات المعنية بالقطاع، لإتاحة مصادر التمويل، والربط بين المستثمرين والفنانين رواد الأعمال في القطاع.