تعلّم فن التعامل مع الآخر بأن تترك دوماً مسافة ما بينك وبينه بدون إفراط ولا تفريط، حتى لا يشعر بأنك دوماً متاح له، و بأن مشاعرك عنده لا قيمة لها، فكما أن المال السائب يعلم السرقة، فكذلك المشاعر السائبة تعلم السرقة، فالطيبة والشهامة الزائدتان وأنك متاح للآخر في أي وقت وأنك مضمون بالنسبة له هو سيفهم ذلك بأنك بلا كرامة ولا تستطيع الاستغناء عنه، ومن هنا يتم التمادي منه معك واستنزاف مشاعرك بحيث إنه دائماً يأخذ منك ويخطئ دوماً في حقك وأنت تسامحه كثيراً لأنك فرطت في حقك ولم تضع حدوداً لذلك في السابق، وبالتالي مشاعرك وقيمتك في حياته ليس لها قيمة عنده وتكتشف بمرور الوقت بأنك مع الشخص الخطأ وحين تكتشف ذلك بعد وقت طويل تشعر بأنه قد انسرق من عمرك زمن كثير ضاع مع شخص لا يقدر وجودك في حياته، لأنه نرجسي يعتقد بأنه نادر من نوعه ومحور هذا الكون، فتعلم متى تعطي ومتى تترك مسافة ومتى تقول نعم ومتى تقول لا وتعلم متى تتجاوز، فكما أن هناك واجبات عليك فهناك واجبات أيضاً عليه فالإفراط في العطاء يعلم البعض استغلالك ليس في المال فقط، وإنما في المشاعر، والإفراط في التسامح يعلم البعض الاستهانة بك وبحقوقك، فإذا أردت الراحة في علاقتك بالآخرين فضع مسافة وحدوداً حمراء بحيث يحترمها الطرف الآخر ولا يتجاوزها وتفهمه بأنه سيتم محاسبته على تجاوزه لو تمادى، وإذا لم يتفهم ذلك فاتركه، لأن مثل هذا طاقات سلبية ستستنزفك وفي آخر المطاف ستدمرك.