احتفلت الإعلامية نادين البدير قبل أيام ببلوغ عمر برنامجها الشهير «اتجاهات» العشر سنوات، ورغم كل ما كُتب عنها وعن البرنامج من قبل نقاد الصحافة المحايدين، إلا أن اللافت ما كان يكتبه المتابعون، والذين كنا نعتقد أن الكثيرين منهم في حالة خلاف دائمة مع نادين المثيرة للجدل مع ما تقدمه، ولكن جاء الواقع مخالفاً للتوقعات، حيث كان الجميع سعيداً لما حققته هذه الإعلامية الشجاعة ولاستمراريتها. حالة نادرة من الاتفاق وبالأغلبية على أنها تستحق التميز، فملايين الشهود على أن ما مَرّ كان حالة مختلفة من النجاح. نادين التي لا تنافسها أي زميلة لها فيما تقدم ولا تشبهها أي تجربة، أعطت درساً لمحبي لغة الأرقام، فأرقامها لم ترتبط بحياتها الخاصة أو حساباتها الشخصية أو أي مقطع مثير للجدل أو الغضب، بل بمشاهدات حلقات مادتها الإعلامية التي تقدمها، ومحتواها الإعلامي الذي لا نعرفها إلا من خلاله، تحدٍ صعب خاضته وظلت تكافح لعشر سنوات حتى حققته كما أرادت تماماً. ينظر الكثيرون لنادين البدير باعتبارها مذيعة تحب إثارة الجدل، من يقترب منها أكثر يعرف أنها مذيعة لديها مسؤولية كبيرة تجاه ما تقدم، ومهارات تختلف بها عن الكثيرين، صحيح أنها تحب أن تتمرد أحياناً، لكنها غالباً ما تتبع الفضول الذي يحرك أي مشاهد مختلف، ذاك المشاهد الذي لا تقنعه أي نظريات ولا ترضيه أي إجابات، ولا يفكر كما يفكر الآخرون.. هذا هو المشاهد الذي تشبهه نادين ويفضلها. في الكواليس نادين مقربة من الجميع، وبسيطة للغاية، وفور بدء التصوير تجدها لا تفكر في شيء سوى في الإعداد الذي أمامها، كما أنها لا تخطئ كثيراً، بل على العكس.. تصور لمرة واحدة من دون أن ترهق الضيف أو الفريق، كل ما تنتظره هو ضيف منطلق، فريق حاضر، وأجواء متناغمة، حتى أبسط الأمور التي من حق أي مذيعة أن تطلبها خلال الفواصل كخبيرة تجميل حاضرة للتعديل طوال الوقت نادين لا تتذكرها، تتذكر الكاميرا التي بدأت في العمل فقط، والفريق المجتهد الذي يعمل معها، والمشاهد الذي ينتظرها لاحقاً. تستحق نادين البدير تحية تقدير بعد عشر سنوات صعبة، يكفي أنها استطاعت ضمن قلة قليلة جداً من مقدمي البرامج الاجتماعية المشابهة أن تخلق حالة من الاختلاف، أن تغير بموضوعاتها الشجاعة بعض المفاهيم، وأن تقارب وجهات النظر في كثير من الأحيان، وأن تترفع طوال هذه العشر سنوات عن الرد على الكثير من الهجوم الذي طالها من قبل كثير ممن يصفقون لها اليوم بحرارة، هذه الإعلامية الراقية التي لا نعرف عنها شيئاً سوى أنها نموذج إعلامي «صعب» لم ولن يتكرر.