إنّ دراسة المعاني والدلالات في محتوى العمل الفني تتضمن رموزاً ودلالات نابعة من الوجدان تتضح من خلالها الحقائق التي أراد الفنان أن يقولها، وفي ظل التطورات الحياتية المستجدة يقف الفنان العربي في محاولات يتلمس فيها حضوره بشكل إيجابي، بعد أن أدرك الفنان دوره في تهيئة الأذهان لبناء مجتمع واع، فجاءت الأعمال التشكيلية تحمل في محتواها استنفار الروح المعنوية لتواكب الحركة الثقافية والفنية على مستوى الوطن داخليًا وخارجيًا، وأخذ الفنانون يقيمون المعارض المشتركة والخاصة؛ بهدف نشر ثقافة بلادهم وتعزيز وطنيتهم بمختلف الأساليب والاتجاهات الفنية، وقد قدم الفنان التشكيلي نماذج مختلفة لتكوين ملامح تساهم في دعم الحركة الثقافية تجاري التطور الفني في المجتمع. يقول الفنان الأردني صالح حمدوني: «تنتهي الكتابة بنقطة آخر السطر، لكن الصورة لا تنتهي» وقد أدرك الفنان ما تحمله اللوحة من إمكانات في ترجمة الحدث، ففي الصورة يكف الكلام، وتقول الصورة ما لا يمكن أنْ يُقال. اليوم نحن نعرف أن الخبر يهز المواطن، وتقلقه الصور المرئية المحملة بالأحداث المتتالية، وتنعكس هذه المواقف في شكل انفعال يعبر عن ردة الفعل الصادرة من ذاته بما يتناسب مع ثقافته وإمكاناته، بينما تختلف ردة الفعل لدى الفنان التشكيلي، فهو قادر على تحويل انفعالاته إلى واقع تشكيلي قد يكون تراجيدياً نابعاً من أعماق الفكر والوجدان محملاً بالأحاسيس أو متصدياً ورافضاً لسلبيات الواقع، وغالبًا مايكون الفنان مؤمناً بدوره حاملاً رسالته ومسؤوليته تجاه مبادئه وقدراته. وقد استخدم الفنان أعماله كوسيط يُقدم من خلاله مضمون رسالته الإنسانية إلى المجتمع، فأبرز دور الفن وفعّل معاناته وترجم أحاسيسه، لقد كانت الفنون بمختلف أنواعها وستظل الجانب الثقافي الأبرز في تواصل الحضارات عبر التاريخ، تحمل في طياتها الخصائص المميزة للشعوب، وتمثل الطابع الخاص والفريد بالتراث الفني والمفاهيم العظيمة، خاصة عند الحديث عن البعد الإنساني والنفسي في هذا العصر الذي تمكنت فيه وسائل التواصل الاجتماعي من السيطرة على المستويات كافة. نجد أن الفنان التشكيلي يسعى إلى تمثيل بلاده في المحافل الثقافية، وطنيًا وعالميًا بحيث تقول الصورة ما لا تتمكن الكلمة من قوله.