في مقابل الاحتفاء والترحيب الواسع من الشعب اليمني بمختلف قواه السياسية والاجتماعية والمدنية، ومن أغلبية الشعوب والدول العربية والإسلامية بقرار تصنيف ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران جماعة إرهابية، احتشدت بعض المنظمات الأممية والدولية غير الحكومية، ونصبت نفسها للدفاع عن الإرهاب الحوثي وإطلاق نصائح ومناشدات تطالب الإدارة الأميركية بالعدول عن القرار بذرائع متناقضة ومفضوحة أثارت ردود فعل يمنية واسعة ترفض التبرير للنازية الحوثية وإرهابها. ورفضت واشنطن الجمعة الماضية، التراجع عن تصنيف الميليشيا الحوثية جماعة إرهابية أجنبية، وأعلنت على لسان ريتشارد ميلس مندوب الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة لمجلس الأمن الدولي "إن الخطوة التي اتخذتها بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، هي الحركة الصحيحة التي يجب اتباعها لإرسال الإشارة الصحيحة إذا أردنا للمسار السياسي أن يتقدم إلى الأمام" مؤكداً تمسك بلاده بقرارها مع وضع آليات تخفف من تأثير هذا التصنيف على الوضع الإنساني، وأنها سوف تتخذ إجراءات لتيسير وصول المساعدات الإنسانية والواردات التجارية إلى اليمن. وحث رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، السبت، الأممالمتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث "الذي أدعى أن القرار الأميركي سيعيق عملية السلام ويؤثر على المساعدات الإنسانية "على عدم الرضوخ لابتزاز ميليشيا الحوثي في مسألة المساعدات عقب تصنيفها منظمة إرهابية، حيث أنها كانت قد استولت عليها ومنعت إيصالها لمستحقيها. تشجيع للإرهاب الحوثي وحذرت الحكومة اليمنية من أن الرضوخ يشجع الميليشيا على استخدام اليمنيين كرهائن، مؤكدة أنها وضعت آليات لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، ولمواجهة العقوبات التي من المتوقع فرضها على المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا، موضحة أن القرار لا يؤثر على المواطنين اليمنيين، بل يتعمد ميليشيا الحوثيين الإرهابية. وفي السياق ذاته، قال مستشار الرئيس اليمني عبدالملك المخلافي: إن اليمنيين لا ينتظرون من الأممالمتحدة استمرار المساعدات والإعانات والقلق بشأن الوضع الإنساني والخوف من إعاقة وصول المساعدات بسبب تصنيف الحوثي منظمة إرهابية، مشيراً إلى أن الموقف الذي ينتظره الشعب اليمني هو وقف الحرب بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، والضغط على الميليشيا التي أشعلت الحرب والمسؤولة عن استمرارها وإطالة أمدها. من ناحيته أوضح سفير اليمن في المملكة المتحدة، ياسين سعيد نعمان أن إدراج الحوثيين في القائمة السوداء من خلال تعيينهم كمنظمة إرهابية يأتي نتيجة أفعالهم الفاحشة والإجرامية واستهتارهم بعملية السلام. مشيراً إلى أن عدم وجود إمكانية للدفاع عن المزاعم التي تفترض أن الخطوة الأميركية من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الحالة الإنسانية وتؤثر على عملية السلام، ووصف تلك المخاوف بأنها ليست مجرد محاولة لتغطية الأزمات بأوهام تدخين الحطب. ويضيف نعمان "الملاحظ أن كل الذين تحفظوا على القرار الأميركي الخاص باعتبار الحوثيين جماعة إرهابية لم يتحفظوا عليه بسبب أن لهم رأياً مختلفاً في هذه الميليشيا، وإنما لسبب آخر وهو اعتقادهم أن القرار سيؤثر على المسار السياسي السلمي، ولم نسمع أحداً من هؤلاء يعارض القرار ويقول إن المعايير الدولية في تصنيف الإرهاب لا تنطبق عليها. وأردف سائلاً: هل يستطيع أي من هؤلاء أن يدفع ولو بدليل بسيط جداً على أن الحوثيين قد أظهروا استعداداً من نوع ما على السير في طريق السلام؟ الوضع الكارثي في اليمن.. مصدر دخل للكثيرين ورافد سياسي للمتزلفين مزحة أممية ثقيلة وفي تعليقه على تصريحات المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الذي زعم أن خطوة الولاياتالمتحدة الأميركية بشأن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية "تخاطر بجعل العمل الإنساني والسياسي للأمم المتحدة أكثر تعقيداً" قال سفير اليمن في المملكة المتحدة: إن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة رمى بهذا التصريح على الطاولة من دون أن يكلف نفسه أن يستخلص من واقع الحال الحقائق التي لا يمكن معها إغفال أن التعقيد قد وصل بسبب تعنت الحوثيين ورفضهم لعملية السلام إلى درجة لم تعد معها ممالاة حقيقتهم الإرهابية مسألة أخلاقية. وأضاف: "لذلك لم يعد هناك معنى للحديث عن أن الخطوة الأميركية ستجعل مهمة الأممالمتحدة" أكثر تعقيداً" سوى أنه إصرار على تجاهل الوضع الكارثي الذي لم يعد معه ممكناً من الناحية الأخلاقية الدفاع عن الحوثيين الذين استخفوا بقيم الدولة وحق الشعب اليمني في العيش بأمن وكرامة وسلام". وقال ناشطون يمنيون ل "الرياض": إن الطبيعة الإرهابية لميليشيات الحوثي مسألة محسومة ومدعومة بقرار الولاياتالمتحدة الأميركية. وما يستدعي وقفة شعبية وسياسية وأخلاقية من جميع اليمنيين ومن العالم هو الوقوف أمام هذا الانحياز الصارخ من قبل الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية ودفاعهم المستميت عن الإرهاب الحوثي في اليمن، وهو أبشع وأكثر إرهاباً من الإرهاب الذي يحاربه الاتحاد الأوروبي في بلدانه، لكنهم يرتضون للشعب اليمني ما لا يرتضونه لبلدانهم. دفاع عن الإرهاب بذريعة السلام ورداً على بيان الاتحاد الأوروبي الذي ادعى أن تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية "يصعب جهود الأممالمتحدة للوصول إلى تسوية شاملة للنزاع في اليمن" قال المخلافي في سلسلة تغريدات على حسابه الرسمي ب"توتير": إن "الاتحاد الأوروبي يعلم يقينًا أن الحوثي هو الذي حاول اغتيال المبعوث الأممي السابق ولد الشيخ، وأنه من يمنع الآن المبعوث الأممي القائم مارتن غريفيث من زيارة صنعاء، ويعرف عرقلة الميليشيات لمنظمات الإغاثة والأعمال الإنسانية وسرقتها وكل ذلك إرهاب وتعطيل للسلام، والسبب في المأساة التي يعيشها الشعب اليمني". وأشار إلى أنه "تم إيقاف تحرير الحديدة وإعاقة إعادتها للدولة وللشرعية والسلام، بالحجج نفسها واللغة ذاتها وأحيانًا الألفاظ والتعبيرات التي تحدث بها مارك لوكوك وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الأممالمتحدة للإغاثة الطارئة، وتحدث بها المبعوث الأممي مارتن غريفيث". وأردف قائلاً " لا الوضع الإنساني تحسن ولا السلام تحقق ولا الحرب توقفت ولا ميليشيات الحوثي تخلت عن الإرهاب وسمحت بتدفق المساعدات". مزايدة أممية حاول المبعوث الأممي مارتن غريفيث التبرير لبيانه المفضوح في دفاعه عن الإرهاب الحوثي، من خلال تصنّع الحرص على الوضع الإنساني في اليمن، وهو تصنُّع زائف يتجاهل بشكل صارخ حقيقة أن الميليشيا هي من أشعلت الحرب وأدت إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم، ونهبت وسرقت واستحوذت على أكثر من 80 % من المساعدات الإغاثية بحسب التقارير الموثوقة للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية والجهات الدولية المانحة. وتعليقاً على بيان المبعوث الأممي الذي دافع عن الإرهاب الحوثي بذريعة الوضع الإنساني، قال وزير الإدارة المحلية في الحكومة اليمنية ورئيس اللجنة العليا للإغاثة عبدالرقيب فتح: إن الوضع الإنساني في اليمن لا يهم مارتن غريفيث، مشيراً إلى أن الميليشيات الحوثية نهبت في عهده أكثر من 600 قافلة إغاثية، وهاجمت خمس سفن إغاثية، وقصفت ست مرات مخازن الغذاء العالمي في الحديدة، وهاجمت أربع شاحنات إغاثة في مأرب. لماذا تدافع المنظمات عن الإرهاب الحوثي؟ ذكرت تقارير دولية عديدة أن العديد من المنظمات الدولية والأممية متورطة في الفساد والعبث بأموال المساعدات الإنسانية والتربّح من إدارتها للعملية الإنسانية والتواطؤ مع ذهاب الإغاثة للميليشيا، إضافة لتبادل المنافع بين المسؤولين والموظفين المتربعين على رأس تلك المنظمات مع الحوثيين، وفق تقرير سري صادر عن لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة بشأن اليمن، حصلت عليه وكالة الأسوشيتد برس الأميركية. وكشفت التحقيقات أن العديد من موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة، الذين جرى نشرهم للتعامل مع الأزمة الإنسانية في اليمن، متهمون بالكسب غير المشروع، والتعاون مع الحوثيين لإثراء أنفسهم من المواد الغذائية والأدوية والوقود والأموال المتبرع بها دولياً. وفضحت العلاقات الوثيقة بين موظفي الأممالمتحدة وقادة الحوثيين ورضوخ وكالات الإغاثة الدولية للميليشيا التي تسيطر على تحركاتها وتنفيذ مشروعاتها. إذ سردت الوكالة الأميركية في تقريرها العديد من الحوادث التي تؤكد تورط موظفي الأممالمتحدة في سرقة المعونات والمساعدات والتعاون مع الحوثيين. وتظهر تقارير الأممالمتحدة الداخلية من عامي 2016 و2017 عدة حوادث قام فيها الحوثيين باختطاف شاحنات تحمل إمدادات طبية، وفي وقت لاحق، تم توزيع الإمدادات على المقاتلين الحوثيين على الخطوط الأمامية. واعترف مسؤول أممي كبير ساعد في صياغة تلك التقارير بأن العديد من الموظفين التابعين لمنظمات الأممالمتحدة في اليمن ساعدوا الحوثيين ويعملون معهم من وراء الكواليس. وقال مسؤول أممي: إن عجز الأممالمتحدة أو عدم رغبتها في التصدي للفساد في برامجها للمساعدات يضر بجهود الوكالة لمساعدة اليمنيين المتضررين من الحرب. مشيراً إلى أن هذا التورط في الفساد والتواطؤ مع الحوثيين يُعد "أمراً فاضحاً لأي وكالة ويدمر حياد الأممالمتحدة". مفارقة صارخة والمفارقة الساخرة أن تلك المنظمات المتورطة بشكل صارخ في سرقة المساعدات الإنسانية والتلاعب بأموال المانحين الدوليين، وتبادل المنافع مع قادة الميليشيا، يصرخون اليوم ويدافعون عن الإرهاب الحوثي بذريعة أن قرار الإدارة الأميركية سيحرم اليمنيين من المساعدات الإنسانية. وكانت منظمة أوكسفام البريطانية من بين المنظمات الدولية التي نصبت نفسها للدفاع عن الإرهاب الحوثي ببيان اعتبر فيه عزم الخارجية الأميركية تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية "سياسة خطرة وغير مجدية، وستعرّض حياة الأبرياء للخطر" مُستندة في بيانها لخروجها عن مبادئ ومعايير وقواعد العمل الإنساني والحقوقي وشهيتها المفتوحة دائماً لابتزاز التحالف العربي. استفهام أمام أوكسفام ووصف موظف سابق في أوكسفام البريطانية بيانها بشأن تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية" ب"المعيب" وب"جريمة بحق مبادئ العمل الإنساني" ويعد دعماً من المنظمة للإرهاب. وقال سيف أحمد وهو موظف سابق في أوكسفام "يا زملاء وزميلات العمل الإنساني في أوكسفام، سيجتمع كل الموظفين في اجتماعهم الأسبوعي. وتساءل عن إمكانية مناقشة تبعات هذا الموقف، ولماذا تعتقد أوكسفام أن تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية هو الخيار الأكثر قسوة؟ أم كانت تريد تسميته ب"المنقذ والمحرر"؟ ثم لماذا رحبت أوكسفام بإدراج التحالف العربي في القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الطفل واعتبرته انتصاراً للعدالة والإنسانية ولكن بالوقت نفسه تعتقد أن إدراج الحوثي ضمن قوائم الإرهاب سيعرض حياة الأبرياء للخطر؟ وكيف تعتقد أن إيقاف بيع السلاح للتحالف العربي سيساعد في إيقاف الحرب ولكن بالوقت نفسه تعتقد أن تصنيف الحوثي جماعة إرهابية لن يساعد في حل النزاع وأنه يعد سياسة خطرة وغير مجدية؟!