تتسم بلادي الغالية هذا الوطن المعطاء - دام عزه - بكبر المساحة، إذ أنها تحتوي على آلاف القرى والهجر والمدن الصغيرة وهي مترامية الأطراف، وغالباً ما تكون فرص العمل والتجارة متاحة بشكل أوسع في المدن الكبيرة عطفا على ضعف وسائل الاتصال اللازمة في تلك الفترة، فكانت الهجرة من القرى والهجر إلى المدن الكبيرة شبه دائمة ولا تنقطع مما شكل التكدس والازدحام في المدن الكبيرة وارتكاز الضغط على البنى التحتية التي تحتويها، في حين تضاءلت نسبة الهجرة المعاكسة من المدن الكبيرة إلى القرى والمدن الصغيرة، وغالباً ما تكون لظروف قد تجبر الشخص إلى النزوح تاركاً المدينة الكبيرة إما نتيجة لنقله من عمله أو كونه يميل إلى الهدوء بعيداً عن ضجيج المدينة وصخبها، وهم قلة بطبيعة الحال وتختلف النظرة في السابق عن الحالية حيث كان الهدف الوصول إلى المدينة الكبيرة لتعدد الفرص، غير أننا - وبفضل الله والمنة - ووفق برامج التنمية المستدامة التي تمت على إثرها إنشاء الجامعات في مختلف المدن ما يشكل امتدادا لحسن التخطيط تحقيقا للتوازن السكاني وتعزيز التوزيع الديموغرافي مع مايتلاءم مع المساحة كنسبة وتناسب، وفي إطار تحقيق أهداف الرؤية المباركة والشاملة 2030 حيث الآفاق الواعدة لغد مشرق من خلال التطور الملفت والنقلة الحضارية الخلاقة والإحاطة الشاملة لتعزيز الاستفادة من برامج التنمية المتنوعة، أضف إلى ذلك إنشاء المدن السياحية الواعدة حيث الاستفادة من مصادر الطاقة لإحياء الأرض وإعمارها، وفي خضم التطور الحضاري المذهل في مجال التقنية والاتصالات فإن مزايا المدينة الكبيرة باتت تتضاءل شيئاً فشيئاً وفقا لهذه المعطيات إذا علمنا بأن الشخص يستطيع أن ينقل مكتبه بما يحتويه من أرشيف ومواعيد وخلافه في جهاز لا يتعدى حجم شنطة «سمسونايت»، ناهيك عن سرعة وسائل التواصل المذهلة، إلى ذلك فإن التكدس في المدن الكبيرة يشكل عائقاً ليس في مجال البيئة وتحسين المناخ فحسب بل حتى في تهيئة البيئة حيث الخدمات والمرافق التي بلغت مختلف المحافظات بما في ذلك توافر وسائل الاتصال الحديثة. إن إلقاء الضوء على المردود الاقتصادي والاجتماعي في هذا السياق وعبر وسائل الإعلام أمر في غاية الأهمية، وستؤتي النتائج أكلها متى ما توافر الجهد الجماعي بهذا الصدد، فضلا عن أن الأسعار تنخفض في المدن الصغيرة كأحد العوامل المشجعة للاستقرار، إضافة إلى ما ذكر أهمية المرونة في افتتاح فروع لجميع الوزارات والهيئات بل ومنح مزايا لمن يعملون أو من يرغبون في النقل من المدينة الكبيرة إلى الصغيرة، وفي سياق الناحية الاجتماعية كمؤشر حضاري راقٍ يعكس سلوك الانتماء والمواطنة. المواصلات محور ارتكاز تطور الدول وأثرها في النهوض الحضاري، وساهمت السكك الحديدية وغيرها من وسائل النقل في اختزال الكثير من الجهد والوقت والأقل كلفة على المدى البعيد، ولاريب أنها ستهيئ آلاف فرص العمل ووفق استراتيجيات هدفها البناء الإعمار وتحقيق مصالح خلاقة، ومما لاشك فيه أن السياحة تعتبر عصب الاقتصاد المعاصر، في حين أن القطارات تشكل أكثر أماناً بعد حفظ الله تعالى وأقل كلفة من الوسائل الأخرى كالسيارات مثلاً وتخفيف العبء على الطرق، أرضنا الخلابة بجمالها بشمالها وجنوبها بشرقها وغربها وما تحفل به من آثار وأجواء جميلة وشعب محب جديرة بأن تكون في مصاف الدول العظمى في صناعة السياحة.