يصوّت الكونغرس الأميركي في اجتماعه القادم في السادس من يناير على تصديق نتيجة الانتخابات الأميركية التي جاءت بفوز الديموقراطي جو بايدن، في ظل اعتراض عدد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين على النتيجة. وفي إيجاز مقدّم من مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب لقاضي المحكمة الجزئية في ولاية تكساس، طالب بنس قاضي المحكمة بتجاهل مطلب أعضاء الكونغرس الجمهوريين بتوسيع صلاحياته لتمكينه من قلب النتيجة. وقال بنس للقاضي جيريمي كيرنوديل: "لست هدفاً مناسباً لهذه الدعوة". وغالباً ما يكون دور النائب في اجتماع السادس من يناير للمصادقة على نتيجة الانتخابات دوراً تقليدياً حيث يرأس نائب الجلسة في ظل تقاليد ما يسمى بجلسة العد الانتخابي وهو تقليد مستمر منذ العام 1887. ويعارض عدد من الجمهوريين في عدة ولايات تصديق النتيجة لصالح جو بايدن ساعين إلى تغيير نص دستوري في سبيل توسيع صلاحيات النائب مايك بنس لتكون بيده سلطة الفصل في النزاع على تصديق النتيجة إذا حدث، إلا أن مذكرة مايك بنس لمحكمة تكساس أظهرت رفضه القيام بهذا الدور. وقال السيناتور الجمهوري عن ولاية نبراسكا بين ساس موجهاً حديثه للمشرعين الجمهوريين الساعين لعرقلة تصديق النتيجة في الكونغرس: "إذا كنتم تقومون بهذه العراقيل لكي تكسبوا جمهور ترمب فهذه خطة قصيرة الأمد وخطيرة على مستقبل حزبنا الجمهوري، وحلفاؤه يلعبون بالنار. لقد طالبوا المحاكم أولاً، ثم المجالس التشريعية للولايات، والآن الكونغرس بإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية مستدعين قضاء محليين وفيديراليين من كل الولايات الأميركية ولكنهم فشلوا". وبينما يحاول ترمب والمقرّبون منه الاستمرار بالتشكيك بنتيجة الانتخابات، يدعو الطيف الآخر من أعضاء ومنسوبي الحزب الجمهوري ترمب للتوقف عن كيل الاتهامات للعملية الانتخابية والتركيز على انتخابات ولاية جورجيا التي ستحسم في السادس من يناير مصير الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي. ويقرر مقعدا مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا مصير الكثير من القرارات والقوانين في السنوات القادمة في الولاياتالمتحدة حيث سيتمكن الجمهوريون من الاستمرار بمعارضة الديموقراطيين في الكثير من المواقف على الرغم من تركز السلطة التنفيذية ومجلس النواب بيد الحزب الديموقراطي. وأدلت أعداد قياسية من الناخبين في ولاية جورجيا بأصواتهم في وقت مبكر في انتخابات الإعادة لمجلس الشيوخ المقررة في الخامس من يناير. وبحسب إحصائيات لبيانات الناخبين في التصويت المبكّر فإن أعداد الناخبين من المنتمين للحزب الديموقراطيين لها الأفضلية، مع ازدياد أعداد المصوتين من الحزب الجمهوري كلّما اقترب موعد الانتخابات. وفي حال خسر الجمهوريون مقعدي ولاية جورجيا فإن الحزبين سيتعادلان بأعداد المقاعد في مجلس الشيوخ بنسبة 50-50 ولكن ستكون الأفضلية في القرارات للحزب الديموقراطي بسبب صوت نائب المرجّح وهو في هذه الحالة كاملا هاريس نائبة الرئيس الأميركي جو بادين. من ناحية أخرى، أبطل رفاق ترمب الجمهوريون في مجلس الشيوخ يوم الجمعة حقه في النقض (الفيتو)، للمرة الأولى خلال ولايته، ليقروا مشروع قانون الإنفاق الدفاعي رغم اعتراضاته القوية وذلك قبل أيام من تركه المنصب. وفي جلسة نادرة في أول أيام 2021، صوت مجلس الشيوخ بموافقة 81 صوتا مقابل 13، محققا أغلبية الثلثين المطلوبة لإبطال الفيتو الرئاسي بدعم من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، قبل يومين من أداء الكونغرس الجديد للقسم يوم الأحد. وأيد المجلس ترمب في استخدام حق النقض في ثماني مناسبات سابقة وكان ترمب، حتى تصويت الجمعة، في طريقه ليصبح أول رئيس منذ ليندون جونسون لم يُبطل المجلس له أي حق نقض (فيتو). وعرقل مجلس الشيوخ مسعى للديمقراطيين لزيادة المساعدات المالية للمتضررين من جائحة كورونا من 600 دولار إلى ألفين وهو تغيير طالب به ترمب. ورفض الجمهوريون الإجراء. كان الجمهوريون في الكونغرس مساندين لترمب بشكل كبير خلال سنوات حكمه الأربع، لكنه انتقدهم في الأيام الماضية لعدم إبدائهم الدعم الكامل له فيما ردده بلا سند عن تزوير الانتخابات، التي خسرها في نوفمبر، ورفضهم مطلبه بزيادة إعانات كوفيد-19 المادية وتحركهم لإبطال حق النقض. دان سميث: بايدن سيسير على خطى سلفه تجاه ملف إيران وكان أعضاء مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديمقراطيون وافقوا في تصويت يوم الاثنين على إبطال اعتراض ترمب على مشروع الإنفاق الدفاعي. وبمقدور استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي مشروع قانون يقره الكونغرس لكن يمكن للمشرعين إقرار المشروع إذا وافق ثلثا المجلسين (النواب والشيوخ) على إبطال حق النقض. ويحدد قانون الانفاق الدفاعي البالغ قيمته 740 مليار دولار كل شيء بدءا من عدد السفن التي سيتم شراؤها إلى رواتب الجنود وكيفية مواجهة التهديدات الجيوسياسية. ورفض ترمب توقيع مشروع القانون لأنه لا يلغي حمايات قانونية محددة لشركات التكنولوجيا. كما اعترض على بند يزيل أسماء جنرالات النظام الكونفدرالي السابق من القواعد العسكرية. وقال السناتور ميتش مكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ قبل التصويت: "لقد وافقنا على هذا التشريع (الإنفاق الدفاعي) في 59 عاما متتالية. وبطريقة أو بأخرى سنكمل العام الستين ونقره ليصبح قانونا قبل اختتام هذه الدورة البرلمانية يوم الأحد". وفي سياق آخر، ينظر مدير معهد أبحاث السلام "سيبري" بتشكك إلى مستقبل الاتفاق النووي مع إيران في عهد الأميركي المنتخب جو بايدن. وقال مدير المعهد، دان سميث، في تصريحات صحفية السبت: "حتى لو كان على الديموقراطي بايدن متابعة أولويات استراتيجية مختلفة عن الحالي دونالد ترمب وودع أسلوبه السياسي، فإن الاستئناف الناجح للاتفاقية قد يكلف رأس مال سياسي أكثر مما يرغب جو بايدن في الاستثمار"، مضيفا، الوضع مشابه في إيران، هناك أيضا تغير في الأجواء لأن الاتفاق لم يف بما وعد به. وأوضح سميث أنه نتيجة للاتفاق لم تكن إيران مرتبطة تماما بالتجارة العالمية، ولم يجرؤ عدد كبير من المستثمرين الدوليين على دخول البلاد، وبين أنه من وجهة نظر القيادة الإيرانية ستكون هناك حاجة إلى عرض خاص للغاية من الولاياتالمتحدة لكي تشعر بالالتزام الكامل بالاتفاقية مرة أخرى. لا أعرف ما يمكن أن يطرحه بايدن على الطاولة دون أن تقدم إيران طواعية قفزة ثقة غير محتملة. ويرى سميث أن فوز بايدن في الانتخابات يعد بلا شك ميزة بالنسبة للتحالف العسكري عبر الأطلسي، لكن باحث السلام في ستوكهولم لا يعتقد أن حلفاء الناتو يجب أن يكون لديهم الكثير من الأمل، وقال: "لن يكون جو بايدن شخصا يدفع المشاركين الآخرين جانبا في اجتماعات الناتو ليكون في الصف الأول مثل دونالد ترمب. لكنه سيطلب بالتأكيد من الأوروبيين تقديم مساهمة مناسبة للدفاع عن أنفسهم، ولا ينبغي أن يكون هناك أوهام في هذا الأمر". كما توقع سميث أن تواصل الولاياتالمتحدة تحديث ترسانتها النووية في ظل الجديد، وقال: "أفترض أن بايدن سيحاول إحياء الرقابة الثنائية على التسلح مع روسيا"، مشيرا إلى أن فرصة القيام بذلك ستتاح عقب توليه مهام منصبه في 20 يناير الجاري، موضحا أنه لتمديد اتفاقية نزع السلاح "البداية الجديدة"، التي تنتهي في فبراير المقبل، سيتعين على بايدن والروسي فلاديمير بوتين أن يرفعا سماعة الهاتف فقط، وقال: "آمل أن يهتم جو بايدن بهذا بعد تنصيبه، لأنه مع تمديد البداية الجديدة سيتوفر الوقت اللازم لتطوير آفاق جادة لنزع السلاح والرقابة على التسلح بعد عام 2026".