«كنت خائفًا فقط من الموت في العراء. في الليل وحيدًا مثل الكلب». في شتاء بيلاروسيا القاسي لعام 1942، خلال أحلك أيام الحرب العالمية الثانية، تخلق المناظر الطبيعية المتجمدة والقاحلة المغطاة بالثلوج وصوت عواء الرياح على الفور إحساسًا ملموسًا بالنذير، يخترق صوت طلقات الرصاص فجأة الهواء الجليدي، ما يبدو أنه أصوات ألمانية يمكن تمييزه أيضًا في اللحظات القليلة الأولى من الفيلم. سلسلة من اللقطات التأسيسية التي تصور المناظر الطبيعية الشتوية، ضباب ثلجي كثيف الهواء، مما يقلل من رؤية التضاريس وأعمدة الكهرباء وكنيسة القرية، تتخللها نيران المدافع الرشاشة وصيحات بعيدة، تخلق جوًا من العداء والخوف، ينذر بالمحاولات اليائسة للشعب المحتل للهروب من الاضطهاد النازي. حكاية قاسية مقتبسة عن رواية من تأليف «فاسيل بيكوف»، وإخراج «لاريسا شيبيتكو»، تتبع رحلة الجنود المحفوفة بالمخاطر إلى سلسلة من المواجهات المصيرية. تنشأ معضلات أخلاقية ووجودية معقدة، يضطر الشاب والمريض سوتنيكوف (بوريس بلوتنيكوف)، والجندي الأقوى جسديًا والمتمرس ريباك (فلاديمير جوستيوخين) في النهاية إلى الاختيار بين الحياة والموت، حيث لن يصبح البقاء ممكنًا، يثير فيلم «الصعود (1977)» أسئلة تستجوب الطبيعة البشرية على نطاق أوسع. تتبع كاميرا «فلاديمير تشوخنوف»، الشخصيات عن كثب، وكثيرًا ما تستخدم لقطات مقربة وتأطيرًا غير عادي، مع التركيز على الوجه البشري كتضاريس يجب استكشافها. يتم وضع المزيد من المناظر المنفصلة جنبًا إلى جنب مع لقطات معبرة، مع استمرار تساقط الثلوج والرياح العاتية في طمس آثار الإنسان في الثلج. مما يتيح للمشاهد تخيل كيف سيكون شعور التواجد هناك، قريبًا من الموت في غابة متجمدة أو مواجهة فوهة البندقية أثناء الاختباء. «الصعود»، هو إنجاز سينمائي غير عادي، ويرجع ذلك في الغالب إلى التناقض بين الجمال الشعري والسحر الذي يعرضه غالبًا والواقع القاسي للقصة. كانت لاريسا شيبيتكو مخرجة رائعة لديها قدرات هائلة ورؤية ثاقبة في أكثر جوانب الحالة الإنسانية عمقًا، مما يجعل خسارتها أكثر مأساوية. ابتكرت جمالية ساحقة، والتي تتضمن تصويرًا سينمائيًا صارخًا بالأبيض والأسود، وموسيقى تصويرية فريدة ومناسبة، وعروضًا مقنعة ومثيرة للقلق. والأهم من ذلك، عظمة الصعود تكمن أيضًا في القدرة على التوفيق بين القضايا الوجودية المعقدة للغاية المتعلقة بمعنى الوجود البشري مع الحفاظ في الوقت نفسه على التركيز على الجوهر العاطفي للفيلم، يعتبر «الصعود»، عرضًا ضروريًا للغاية لأي شخص مهتم بما يمكن أن تحققه السينما الرائعة حقًا.