أنبوب معدني هجرته الحياة منذ ثلاثين عاماً يعبر صحراء بلادي، في وقت كانت كثبان الرمل في (الكاسب) تحرسه دون حراك، ثلاثون عاماً وما ابتلّ ريق الأنبوب بقطرة نفط وكاد اليأس أن ينبت شوكاً في جنباته لولا أن المارد في جوف الأرض تململ وانتفض ذات مساء صيفي من هذا العام ليعلن أن ثمة نبض حياة ما زال هناك.. انتفض الأبرق من فوق تلوله وأطلق صيحته لتذهب في الفضاء البعيد صوت صدى وبشائر خير، وارتد الصوت سريعاً يجاوبه، الكل تلفت وتساءل: من صاحبة الصوت والترنيمة تلك؟! من صاحبة الزغرودة البهية؟ إنها هضبة الحجرة حين أفصحت عن مستقبل واعد يتربع في أحشائها. أبرق التلول أو (تلول عليان) كما يوّد ساكنيها تسميتها والتي تقع على بعد (40 كلم) إلى الجنوب الغربي من محافظة العويقيلة، وهضبة الحجرة (الوديان) شرق مدينة سكاكا في محافظة الجوف، هما أيقونتان أو قل درّتان في قلادة الوطن البهيّ الزاخر بالدرر، وعليهما تعلّق الآمال الكبيرة بإحداث تنمية مستدامة وشاملة وتوفير فرص عمل لشباب المنطقة والاستمرار بالجهود التي من شأنها زيادة التنويع الاقتصادي والاستثمار الأمثل لموارد المملكة الطبيعية وتعزيز مكانتها الرائدة في سوق الطاقة العالمي وبما يعزز مكانة المملكة كموّرد الطاقة الأول في العالم خصوصاً أن اكتشاف هذين الحقلين جاء في مرحلة مهمة وتاريخية تعيشها المملكة وتشهد فيها رخاءً وازدهاراً في شتى المجالات، يضاف إلى ذلك ترؤس المملكة لمجموعة العشرين لعام 2020 الذي يعدّ دليلاً دامغاً على متانة وقوة اقتصاد مملكتنا الحبيبة بجهود حثيثة وحرص دائم من لدن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد - حفظهما الله -. إن ما يبعث في النفس البشائر بغدٍ أجمل أن هذين الحقلين للزيت والغاز يحملان أرقاماً واعدة حيث إن ناتج حقل "هضبة الحجَرَة" للغاز الغني بالمُكَثَّفَات في منطقة الجوف بمعدل 16 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم، مصحوباً بنحو (1944) ألفٍ وتسع مئة وأربعةٍ وأربعين برميلاً من المُكَثَّفَات، كما أن حقل أبرق التلول ينتج من الزيت العربي الخفيف الممتاز غير التقليدي بمعدل "3189" برميلٍ يومياً، مصحوبا بنحو مليون ومئة ألف قدم مكعبة قياسية من الغاز في اليوم، هذه الأرقام المبشرة هي نتائج المراحل الأولية وستتبعها أعمال تطويرية حتى يتم الإعلان النهائي عن حجمهما في قادم الأيام. هي بلادي تمطرنا دوماً بالخيرات وتزرعنا ورداً وأكاليل غار ونبادلها حباً وفداء، وهي أرضي التي ما بخلت يوما علينا بجودها وعطائها، وكان حقاً علينا الوفاء والانتماء.