عكست أرقام ميزانية 2021 التزام حكومة خادم الحرمين، بسياسة ضبط الإنفاق المالى دون المساس بجودة الإنجاز والسيطرة على العجز، وتنويع قنوات الإنتاج والتمويل لتخفيف الضغط على الميزانية وذلك من خلال الصناديق الوطنية وصندوق الاستثمارات العامة. وأكد عدد من الاقتصاديين ل"الرياض"، أن تراجع العجز ب157 مليار ريال، يدل بشكل واضح أحد أهم نتائج القرارات الحازمة لحكومة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، مؤكدين أن أرقام الميزانية وبنودها حملت مؤشرات إيجابية تؤكد على تعافي الاقتصاد وقدرته على مواجهة التحديات. وقال الاقتصادي الدكتور عائض آل رشيد، رغم التحديات الكبيرة التي واجهت كافة دول العالم، إلا أن أرقام الميزانية كشفت عن تعافي لافت في النشاط الاقتصادي. وبينت الأرقام التي أعلنتها الميزانية عن عودة الثقة لقطاع الأعمال والمستهلكين، نتيجة الإجراءات الصحيحة التي اتخذتها القيادة الرشيدة في ذروة الأزمة، حيث كان هدفها الأساسي الحفاظ على سلامة المواطنين والمقيمين، عبر تقديم مبادرات متنوعة للتخفيف عن الآثار المترتبة من جائحة كورونا. وتطرق آل رشيد الى اهمية استمرار الإنفاق بمعدلات جيدة على التعليم بإجمالى 186 مليار ريال والصحة والخدمات الاجتماعية ب175 مليار ريال، مشيرا إلى أن ذلك يعكس اهتمام القيادة برعاية المواطنين والمقيمين لمواجهة الجائحة، وقال إن حزم التحفيز المالي ساهمت إلى حد كبير في دعم القطاع الخاص واستمراره كرافد لدعم الناتج المحلى الوطني، كما ساهم ذلك في دعم استمرار عمل المواطنين في القطاع الخاص، وأشار إلى أن الإنفاق على حزم التمويل بلغ 3 % من الناتج المحلي، مشيرا إلى أن ضبط الإنفاق الراهن يستهدف الوصول إلى ميزانية متوازنة، ورفع معدل الإيرادات غير النفطية التي كانت بمثابة صمام أمان العام الحالي بعد أن تراجعت الإيرادات النفطية بشكل كبير. وأشار إلى أهمية مضى الاقتصاد السعودي قدما في تنويع قاعدة الإنتاج بالتركيز على الصناعة والسياحة والخدمات اللوجستية في ظل الموقع الاستراتيجي للمملكة كمحور يربط بين 3 قارات. من جهته قال الخبير العقاري خالد شاكر المبيض نلاحظ تحسن واضح في أداء القطاعات الحكومية تتمثل بانخفاض الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات بين ميزانية 2020 والميزانية المتوقعة في 2021 مع توقع انخفاض العجز وهذا سينعكس إيجابيا على السوق العقاري. وأضاف أن ميزانية العام المقبل تحمل بشائر خير جيدة في سبيل تحقيق المستهدف باحتواء العجز المالى تقريبا في عام 2023، وفي الصدارة منها ارتفاع معدل النمو إلى 3.2 % بدلا من الانكماش خلال العام الحالي، وكذلك التحسن في أسعار النفط مع ارتفاع الطلب وبدء ظهور اللقاحات لاحتواء آثار كورونا، مشيرا إلى تقديرات مجموعة اكسفورد المالية بأن العام المقبل سيشهد أعلى وتيرة نمو منذ 40 عاما. وأشار إلى أن العجز المتوقع عند مستوى 141 مليار ريال يعد معقولا للغاية ويسهل احتواؤه في ظل الحرص على تنويع الاستثمارات وقنوات الإنتاج بعيدا عن تقلبات أسعار النفط، وأشار إلى اعتزام صندوق الاستثمارات العامة ضخ 150 مليار ريال العام المقبل، بجانب مخصصات الإنفاق الرأسمالي الحكومي على المشاريع مما سيكون له أبلغ الأثر في دعم النمو والسيولة في السوق. وأضاف عضو مجلس إدارة غرفة جدة سابقا م. نصار عوض الله السلمي لقد شهد عام 2020 جائحة كورونا التي أثرت بوضوح على النشاط الاقتصادي نتيجة الإغلاق شبه الكامل لعدة أشهر وتراجع أسعار النفط إلى ما دون العشرين دولار في أبريل الماضي، إلا أن التحرك الحكومي كان فاعلا ومؤثرا من خلال حزم التحفيز المالي التى تجاوزت 200 مليار ريال لدعم القطاع الخاص وبما يضمن في الوقت ذاته انتعاش معدلات السيولة في السوق وتحفيز القطاع الخاص على القيام بدور أكبر في مسيرة التنمية ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65% بحلول 2030. وقال إن ارقام الميزانية التى توقعت مصروفات بقيمة 990 مليار ريال مقابل 849 مليار ريال إيرادات تعكس الإصرار على المضي قدما في ضبط الإنفاق من خلال خفض المصروفات دون المساس بالجودة، وقد تجلى ذلك في صرف النظر عن عشرات المشاريع التى كانت ضعيفة الجودة. وأشار إلى تعدد قنوات تمويل عجز الميزانية العام المقبل، وذلك من خلال السحب من الاحتياطي في حدود ضيقة للغاية، والتوجه إلى الأسواق المحلية والدولية لتمويل عجز بقيمة 141 مليار ريال مقارنة ب298 مليار ريال في العام الحالي. وقال الاقتصادي د. عبدالله سعد الأحمري إن الأثر الإيجابي للإنفاق لا يقاس بكل تأكيد بحجم الأموال المصروفة، وإنما بكيفية توجيهها والعوائد الفعلية المتوقعة منها. وأشار إلى أن جائحة كورونا كانت وراء زيادة العجز خلال العام الحالي إلى 298 مليار ريال، وارتفاع الإنفاق إلى 1068 مليار ريال. وأكد أهمية الكثير من المؤشرات التي جرى الإعلان عنها في مؤتمر وزير المالية محمد الجدعان ومن بينها ارتفاع حجم الائتمان المصرفى وزيادة عمليات نقاط البيع وضبط العجز المالي من خلال التوجه لمعالجة النقاط الحرجة مباشرة.