تُوجت جهود السنوات الطوال، والعمل الدؤوب الذي كان برعاية الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة ولجانها الفنية المتعددة ثم بجهود اللجنة الوطنية لكود البناء السعودي التي باشرت العمل منذ تأسيسها في تنسيق الأعمال الجماعية، وبلورة مشاركات المختصين والخبراء في جميع المجالات بإصدار كود البناء السعودي الذي يتكون من أكثر من 22 مجلداً من الاشتراطات والمتطلبات والشروحات وسيتم التطبيق حسب المراحل الزمنية المعتمدة في التدرج المطلوب، حيث بدأت المرحلة الثالثة من مراحل تطبيق كود البناء من بداية 1442 وحتى نهاية نفس العام حيث يطبق الكود خلالها على مباني (النُزل والشقق المفروشة الفندقية ومراكز الرعاية الصحية والمسارح ومباني الخدمات الترفيهية وصالات المناسبات والسينما)، وصولاً إلى المرحلة الخامسة بداية عام 1444ه والتي سيطبق فيها الكود على جميع انواع البناء المصنفة فيه. لا شك أن إصدار كود البناء السعودي هو نقلة حضارية فارقة نحو الارتقاء بقطاع البناء والتشييد حيث تحدد الاشتراطات التي تحقق السلامة والأمان للمباني وساكنيها بالتوافق مع متطلبات برنامج التحول الوطني لرؤية 2030، الداعية إلى "تحديث منظومة ومواصفات مشاريع القطاع البلدي"، ضمن المبادرات المعتمدة لتحسين مستويات المعيشة والسلامة في مدن المملكة. تشمل هذه المنظومة الكود والأدلة الإرشادية والمواصفات المرجعية، كل من: كودات البناء (Building Codes) ولوائح التنفيذ وتصنيف المخالفات. وتحتوي كودات البناء على اشتراطات السلامة والأمان والصحة العامة للمباني وسكانها، وتشمل إصدارات كود البناء السعودي العام ومجموعة الكودات الانشائية والكهربائية، والميكانيكية، والصحية، وترشيد الطاقة، والحماية من الحرائق، والمباني القائمة والمباني الخضراء كما تم إصدار بعض شروحاتها. وتهتم هذه الكودات في مجملها بالاشتراطات الإدارية والقانونية ونطاق الكود وتصنيف المنشئات حسب الأشغال والاستخدام ونوع الإنشاء، وارتفاعات ومساحات المباني، وأنواع التشييد، وتجهيزات الحماية من الحريق ومتطلبات التشطيبات الداخلية وسبل الخروج من المباني، وإمكانية الدخول والخروج لذوي الاحتياجات الخاصة، ومتطلبات كفاءة الطاقة والجدران الخارجية ومنشآت الأسطح، والمتطلبات العامة للتصميم الإنشائي، واحتياجات السلامة أثناء التشييد، كما صدرت لوائح بقرارات وزارية باللائحة التنفيذية لتطبيق النظام، ولائحة المتطلبات العامة لتعيين جهات التفتيش، ولائحة تصنيف مخالفات كود البناء. أيضاً المواصفات الفنية، والمقاييس المرجعية) Specifications&Standards؛ وتوضح المواصفات المتطلبات الفنية التفصيلية لطرق العمل من أعمال الموقع العام وأعمال المنافع الأرضية والتشجير وأعمال الحفريات والخرسانات والتشطيبات والأعمال الصحية والكهربائية والحماية من الحرائق، ومع عدم الإخلال بأي من اشتراطات الكود تحدد المواصفات القياسية خصائص وتركيب المواد وطرق الفحص والاختبارات المعملية للتأكد من خواص معينة كامتصاص الماء ومقاومة الكسر وطرق الفحص وأخد العينات وتكون هذه المواصفات القياسية (standards) أساساً ومرجعاً للمواصفات الفنية، كما يتم الإشارة المرجعية فيها إلى المقاييس العالمية المعروفة مثل (AWWA،NFPA،ASTM) وغيرها. وللتفريق بين الكود والمواصفات، يلزم القول بأن كود البناء يشترط متطلبات عامة تخص السلامة والأمن، فمثلاً ينص الكود على أن تكون الأبواب مثلاً ذات ارتفاع معين كحد أدنى وذات عرض معين كحد أدنى ولكن لا يفرض أي نوع من التشطيب أو نوع المادة المكونة للباب أو الأقفال إلا من حيث تأثيرها على السلامة أو الحماية من الحريق، بينما تنص المواصفات الفنية على سمك الباب ومواد الدهانات وهكذا. ومثال آخر، ينص الكود على المساحة المطلوبة من النوافذ كحد أدنى لغرض الإنارة والتهوية الطبيعيتين من مساحة فراغ معين، وكذلك على الحد الأعلى لمستوى أسفل النافذة لغرض تسهيل الهروب حال الطوارئ وهكذا، بينما تنص المواصفات على سمك قطاع النافذة وسمك الزجاج ونوعه وهكذا. إن الحفاظ على سلامة وتحمل المباني يتطلب أن تكون العناصر المكونة لها متوافقة مع مقاييس ومواصفات محددة ويلزم ذلك وجود أطر مرجعية تتضمن لوائح وكودات وأدلة تنظم عمليات التصميم والتنفيذ والتشغيل والصيانة وفوق كل ذلك يتطلب أيضاً وجود تشريعات وسياسة محددة وإجراءات معتمدة تنظم تطبيق تلك المنظومة من الأدلة واللوائح الهندسية التي تحكم تلك الأعمال، وهذا ما نص عليه الإطار العام المعتمد لكود البناء السعودي، وصولاً إلى استكمال التطبيق الكامل لهذه المنظومة على كافة المنشآت، وإيجاد آلية لتحديثها وتطويرها دورياً، والتوسع في البرامج التدريبية التعريفية بها للعموم.