مجلس الشورى يحظى في بداية كل دورة شورية جديدة بافتتاح خادم الحرمين الشريفين لأعمال المجلس، فيوضح فيه المرتكزات الأساسية لهذه السياسات، ويتناول الخطاب الملكي مختلف القضايا بواقعية ومنطقية، ويمكن تلخيص المرتكزات الأساسية بالآتي: حفظ الأمن، والرخاء للمواطنين كافة، وتنويع مصادر الدخل، ورفع الإنتاجية، وحفظ حقوق الأجيال القادمة، وحماية اقتصاد المملكة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها دول العالم. فكانت مضامين كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لأعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى نبراساً واضح المعالم، ووثيقة عمل، وخارطة طريق يسترشد بها المجلس في عمله خلال السنة الأولى من دورته الثامنة. والمتابع يجد أيضاً أن الخطاب الملكي تزامن هذا العام مع العديد من القفزات النوعية والتاريخية التي تعيشها المملكة، ولعل رئاسة المملكة لقمّة مجموعة العشرين والتي تمثل أقوى اقتصاد عشرين دولة في العالم دلالة عظيمة على تلك القفزات. اشتمل الخطاب على مسارات واضحة تجاه السياسة الداخلية والخارجية للمملكة، بالإضافة إلى أنه جاء وفق التطور الكبير لمسيرة العمل في مجلس الشورى والتي تمتد لخمسة وتسعين عاماً منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- إلى هذا العهد الزاهر، والذي أولى المجلس ثقته ودعمه لتعزيز المجلس لدوره التشريعي، من خلال العمل الشوري المتمثل في مراجعة وصياغة العديد من الأنظمة والنصوص التشريعية، لاسيما مع التنمية الكبيرة والعمل المتسارع لاستكمال منظومة المبادرات الرائدة لرؤية المملكة 2030، إضافة إلى دور مجلس الشورى بصفته الرقابية على أعمال الحكومة من خلال مراجعة تقارير الجهات التنفيذية، وإصدار العديد من التوصيات لدعم القرارات التي تعزز من الدور المناط بهذه الجهات لخدمة الوطن والمواطن. وفي الخطاب تأكيد شمولي أن المملكة أنموذج مثالي للتصدي لأكبر التحديات الاقتصادية والصحية والسياسية التي تواجه العالم، وأثبتت فيها أنها حجر الزاوية لاستقرار الاقتصاد في العالم، ونشر السلام في المنطقة والعالم. كما أن الخطاب أتى، والسعودية الحديثة ماضية قدماً في محاربة الفساد، ورفع مستوى الشفافية، والتحول الإلكتروني، والاستفادة من التطور التقني والذكاء الاصطناعي لخدمة المشروعات التنموية، وخلق مجالات اقتصادية جديدة لبناء مكتسبات وطنية، المواطن فيها الهدف والرافد، حيث يوضح -حفظه الله- سياسات الدولة الداخلية والخارجية ويركز على أهمية الاقتصاد، فقد أظهرت البيانات ارتفاع الإيرادات غير النفطية، وهذا نتيجة للإصلاحات الاقتصادية التي تعمل عليها الحكومة ضمن رؤية 2030. تبقى، أن خطاب والدنا وقائدنا خادم الحرمين الشريفين كان ملهماً، ليس للشوريين فقط بل لكل أفراد الشعب الذين أثبتوا دورهم ووقوفهم ومساهمتهم الفعالة وتفاعلهم مع عجلة التقدم والإصلاحات العامة التي اتخذتها قيادتنا الحكيمة وفقها الله.