ليت أبي كان حيّاً ليرى ما وصلت إليه. كم مرة سمعت أو قرأت هذه الجملة؟ وأخذك الشجن على ذلك الوالد الذي لم يرَ نتيجة ما وصل إليه ابنه بل ربما كنت أنت من قالها. يؤلمني منظر ذلك الأب الذي يستعجل صلاح الأبناء ونجاحهم وذلك المعلم الذي يريد أن يرى طلابه يحملون أعلى الدرجات العلمية ويعتلون أعلى المناصب وذلك المسؤول الإداري الذي يريد تحقيق كل أهداف إدارته في فترة وجوده في المنصب. قرأت في مذكرات غازي القصيبي رحمه الله «حياة في الإدارة» تحسّره على عدم وصوله لتنفيذ بعض الأنظمة الإدارية عندما كان وزيراً للصحة وفي نفس الوقت انتابني الاستغراب لأن هذه الأنظمة هي الموجودة وقت قراءتي لمذكراته! ويُحكى أن إحدى موظفات شركة والت دزني المشهورة حينما رأت ما وصلت إليه الشركة قالت: «ليت والت دزني كان حياً ليرى ما وصل إليه» فرد عليها موظف آخر قائلاً» ولكنه رأى ذلك!» يقصد أنه رأى ذلك بخياله وعمل ليصل إليه. دعك من هذا وذاك، فخير البشر الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يرَ المليار مسلم من اتباعه الذين يعيشون وأنت تقرأ هذا المقال بعد وفاته بقرابة 1400 سنة حتى أنه قال: «.. وددت أنا قد رأينا إخواننا، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد..». نحن نزرع ونسقي ونتعب ونجتهد ولكن كثير مما نقدمه لا نراه عياناً ولذا يقول المولى عز وجل مواسياً لنا (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدّموا وآثاراهم)، نعم آثارهم وما تركوا (أحصاه الله ونسوه). هي ثمارٌ لن نراها... فاطمئن أيها الإنسان إن استطعت إلى ذلك سبيلا ولا تعجل ولو أني أشك بذلك لأن المولى عز وجل يقول (وكان الإنسان عجولاً)!