تنتظر أسواق النفط العالمية تحولات المشهد السياسي والتغيرات المتوقعة في ظل نتائج الانتخابات الأميركية وحيثيات الوعود الانتخابية وجدوى تنفيذها على الصناعة النفطية في ظل ما يمر به الاقتصاد الأميركي والعالمي. يواكب هذا الترقب تحول كبير في السياسة النقدية التي يتبناها الفيدرالي الأميركي من أجل خلق طرق عودة الاقتصاد الأميركي إلى مسار النمو الاقتصادي وتعافي الاقتصاد بعد الأضرار الجسيمة التي خلفها انتشار فيروس كورونا المستجد. الأهداف الاقتصادية الجديدة لم تعد نسب النمو وتحقيق الأرباح والملاءة في القطاعات المالية بل أصبحت خلق الوظائف والسيطرة على نسب التضخم سواء من خلال نسب الفوائد المنخفضة أو في الأرقام الخاصة بالبيانات المتعلقة بالمستهلك. الصناعة النفطية تمر بمرحلة تحول واسعة تركز على أهداف مناخية وبيئية طموحة بعيداً عن الوقود الأحفوري إلا أن غياب الخطط الواضحة لصنع نماذج عمل ناجحة يجعل من المشهد الضبابي أكثر عتمة وضبابية. القارئ لخطط التحول المعلنة يجد أنها تستند إلى التشريعات المناخية بشكل شبه كلي ولكنها تفتقر إلى أي اختراق علمي أو تطور تصنيعي أو استنتاج بحثي يتم بناء عليه وضع الاستثمارات الهائلة. فحتى اتفاقية باريس للمناخ وإن بدت مناصرة لقضايا المناخ إلا أنها لا تقدم منظومة حلول خارج الإطارات التشريعية. الأمر الواضح اقتصادياً هو أن هذه الصناعة توفر عدداً هائلاً من الوظائف وهي صناعة ذات مفعول مباشر في نسب التضخم والبيانات الاستهلاكية وإحداث أي خلل في تركيبة هذه الصناعة كفيل بصنع أزمة اقتصادية واجتماعية جديدة. أسواق النفط الحالية خرجت من أزمة الموجة الأولى لانتشار فيروس كورونا باتفاق أوبك+ الذي أعاد التعاون بين المنتجين بشكل أفضل من قبل ومتابعة لصيقة من أطراف المنتجين والمستهلكين. نسب الالتزام الحالية وآلية التعويض أعطتا الأسواق ثقة في الجهود المبذولة. المتغيرات الأخيرة من جانب العرض في ما يخص زيادة إنتاج ليبيا وبعض منتجي النفط الصخري يواكبها تغير في مشهد الطلب الذي تأثر بمخاوف موجة ثانية من انتشار فيروس كورونا المستجد. هذه المتغيرات ستصنع هيكلية جديدة تزيد من هشاشة أسواق النفط ولكن الحلول واردة من خلال الإبقاء على وتيرة خفض الإنتاج مع إمكانية تعميقها في حال استدعى الأمر ذلك. موجة الاندماجات والاستحواذات في شركات النفط مستمرة بنسق عالٍ وبين لاعبين كبار من الشركات النفطية وهو ما يغير شكل الصناعة النفطية بشكل أكبر من تغيرات المؤثرات السياسية. كذلك رأينا خلال الجائحة تفاوتاً كبيراً في التحسن الاقتصادي بين الدول بعد ظروف الموجة الأولى من الجائحة. المتغيرات في المشهد النفطي غير مقتصرة على الجانب السياسي وحده وأسواق النفط مستمرة في التعامل.