عند الحديث عن الجزر التي تمتلكها بلادنا يبرز على الفور اسم جزيرة فرسان التي تعد أكبر جزيرة تابعة لبلادنا، كما يبرز أيضاً اسم جزيرة تاروت التي تعد أقدم وأهم الموانئ البحرية في مدينة القطيف، بالإضافة إلى جزيرتي تيران وصنافير، ويعتقد الكثيرون أن عدد جزر بلادنا قليل، ولكن الحقيقة بأن بلادنا تزخر بمئات الجزر المنتشرة على جانبي البحر الأحمر والخليج العربي، منها 405 جزر ذات أسماء معروفة ومشهورة، وهي تمثل نحو 35 % من إجمالي الجزر. وتعد جزيرة فرسان من أكبر الجزر المملكة في البحر الأحمر من حيث المساحة، إذ تبلغ نحو 380 كم2، وتكتسب هذه الجزر أهميتها من حيث امتلاكها لمقومات الجذب السياحي من تنوع طبوغرافي وبيئي يتمثل في الشواطئ الرملية الناعمة والمرتفعات الجبلية والغطاء النباتي، إضافةً إلى الشعاب المرجانية المتنوعة التي تحيط بالجزر، مما يؤهلها لتكون مقصداً للزوار لممارسة هوايات الصيد والغوص، بالإضافة إلى الباحثين عن الراحة والاستجمام خلال معظم فصول السنة. وتختلف تلك الجزر باختلاف نشأتها وتكوينها، ويغلب على معظمها استواء سطحها، فغالبيتها مرجانية النشأة، وبعضها رملية النشأة، وأخرى قارية النشأة، وكذلك بركانية النشأة، غير أن هناك جزرًا في البحر الأحمر ذات سطح مرتفع، تظهر عليها بعض المرتفعات، وتشهد هذه الجزر الاهتمام والرعاية، حيث تم استغلال طبيعة بعضها الخلابة وموقعها الاستراتيجي في تنمية السياحة، وخير دليل على ذلك هو البدء في مشروع نيوم، والتي تمتلك شواطئ خلابة على سواحل تمتد لأكثر من 450 كم والعديد من الجزر ذات الطبيعة الأخاذة، حيث ستكون تلك الجزر جزءاً مهماً من هذا المشروع السياحي الأضخم على مستوى العالم. تنوع بيئي وأحيائي وتعتبر جزيرة فرسان أكبر جزر المملكة، وهي إحدى جزر أرخبيل فَرَسان في منطقة جازان، وتقع في القسم الجنوبي الشّرقي للبحر الأحمر، إذ وتبعد حوالي 42 كيلومترًا من ساحل مدينة جازان، وتبلغ مساحتها نحو 380 كم2، وتضم أرخبيل ما يقارب ال200 جزيرة والتي تضم أغنى تنوع بيئي وأحيائي حيث يوجد أنواع مختلفة من الطيور، وتتنوع فيها الحياة المرجانية، والأحياء المائية من رخويات وقواقع، وهي غنية بمادة العنبر الخام الذي يشكل مصدراً من مصادر الرزق لبعض سكان جزيرة فرسان، وتتألف جزر فرسان من مسطحات من الأحجار الجيرية الشّعابية، ويتراوح متوسط ارتفاعها عن سطح البحر بين 10 و20 متراً وقد يصل إلى 40 متراً ويبلغ أقصى ارتفاع 75 متراً، وهناك عدد من الأودية القصيرة التي تنتهي إلى البحر، أما السواحل فمغطاة برمال كلسية بيضاء نتجت عن تحطم الشعاب المرجانية، وتعتبر أغنى المناطق بغابات أشجار المانغروف الساحلية، وتوجد في مياهها مجموعة من الشعاب المرجانية النادرة، كما أنها غنية بتجمعات الطحالب والحشائش البحرية، وتعشش السلاحف البحرية والطيور البحرية على شواطئها. سمر وبلسم وسدر وتضمّ مجموعة جزر فرسان أكثر من 84 جزيرة، أكبرها جزيرة فرسان الكبير والسّقيد -فرسان الصغرى- وقماح وهي الجزر الآهلة بالسّكان الذين يعمل غالبيّتهم في صيد الأسماك وزراعة الدّخن والذّرة، ومن أهم أنواع الأشجار فيها: السمر والبلسم والسّدر والأراك، وتتميز محميّة جزر فرسان بوجود ظبي الأدمي الفرساني المتوطّن في بعض جزر فرسان، بالإضافة إلى النّمس أبيض الذّنب وعدد من القوارض، أمّا الطّيور فتمتاز بتنوّعها ووفرتها، خاصّة الطّيور المائية والشّاطئيّة والمهاجرة، ومن أهمها العقاب النّساري والبجع الرّمادي والنّورس القاتم ومالك الحزين، ويقع بالقرب من جزيرة فرسان جزيرة أحبار التي تبعد 15 كيلومترًا من شاطئ جازان، وهي جزيرة معدة خصيصًا لاستقبال السائحين، إذ تحتوي على جلسات، ورصيف للقوارب، ومقهى ومطعم للأسماك ودورات مياه، وتمتاز بالشواطئ الجذابة ذات المياه الصافية والطبيعة الرائعة، كما تؤوي عددًا من الطيور النادرة، مثل: النورس والقماري، وتحتضن النباتات والأسماك. جزر مأهولة وكشفت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية في تقرير لها أن ست جزر من إجمالي جزر المملكة المقدر ب1285 جزيرة مأهولة بالسكان بنسبة 0.47 %، وأضاف التقرير أن 89 % من الجزر تقع في خليج العقبة والبحر الأحمر، فيما تقع ال11 % المتبقية في الخليج العربي، ويأتي على رأس تلك الجزر المأهولة بالسكان جزيرة فرسان، ومن ثم جزيرة تاروت التي تعد من أقدم وأهم الموانئ البحرية في مدينة القطيف، وتُعرف أيضًا باسم جزيرة دارين، وتغطي مساحة تبلغ 32 كيلومترًا، ويعود تاريخ أول مستوطنة فيها إلى شعب كنعان الفينيقي في سنة 5000 قبل الميلاد حيث تم العثور فيها على الكثير من الآثار الفينيقية والساسانية والإسلامية، وعلى أوان فخارية تعرض في المتحف الوطني، بالإضافة إلى قلعة تاروت الشامخة وسط الجزيرة بأبراجها الأربعة، وعادة ما يفضل السائحون زيارة الجزيرة في فصل الشتاء، عندما يكون المناخ معتدلًا، مقارنة بالرطوبة العالية في أشهر الصيف، ومن الجزر المأهولة بالسكان أيضاً جزيرة أبو علي التي تقع في الخليج العربي، وتتبع المنطقة الشرقية، وتبلغ مساحتها نحو 59.30 كيلومترًا، كما تحتوي على مهبط صغير للطائرات يُعرف ب»مطار أبو علي» وقد أكسب موقعها في الشمال الغربي من الجبيل أهمية كبرى، حيث اشتهرت قديماً بمغاصات اللؤلؤ التي تحيط بها، وفي الوقت الحاضر تُعد من أهم حقول النفط بالمملكة، وتمتد 12 ميلاً من الشرق إلى الغرب، وهناك العديد من المشروعات الاقتصادية المقامة على أرض الجزيرة، منها: مشروع المزارع السميكة، ومشروع محمية بيئية لأشجار القرم في منطقة راس تنورة. محميات الجُزر وهناك عدد من المحميات التي تشرف عليها الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها في عدد من الجزر، ومن أهمها جزيرة آمنة، وهي إحدى الجزر الواقعة على البحر الأحمر في الجنوب الغربي، وتتبع منطقة جازان، التي تبعد نحو 15 كيلومترًا جنوب غربي مينائها، إذ تحتوي الجزيرة على محمية طبيعية تشرف الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها عليها، وتقع المحمية جنوب غربي محافظة القنفذة من البحر الأحمر، وتتألف من جزيرتين هما: أم القماري البرانية وأم القماري الفوقانية، وسميت بأم القماري بسبب كثرة طيور القماري فيها، وتمتاز الحياة البحرية فيها بتنوع هائل من الشعاب المرجانية، والحيوانات اللافقارية البحرية، والسلاحف الخطافية المنقار، والسلاحف الخضراء التي توفر زادًا للطيور المهاجرة، ومن الجزر ذات الطبيعة الساحرة جزيرة كدمبل التي تقع على ساحل منطقة عسير في مقابل مركز القحمة، وتعد هذه الجزيرة الطبيعية من الجزر الأكثر جمالًا، وهي مقصد للصقور والطيور، ويناسب مناخ الجزيرة هواة صيد الأسماك، ويحتل جبل كدمبل المساحة الأكبر من الجزيرة، بالإضافة إلى وجود شاطئ رملي، ويمكن بلوغ المكان في رحلة بحرية مدتها 40 دقيقة، وقد سجلت هيئة السياحة الموقع الأثري على الجزيرة في سجل الآثار الوطني، وهو عبارة عن مقابر إسلامية، أمّا جزيرة حرقوص فتعدّ من الجزر المهمة الواقعة على الخليج العربي، وهي تتبع المنطقة الشرقية، وتمتد من حدود مدينة الجبيل، وتبعد عنها نحو 70 كيلومترًا، وتنطلق رحلات سياحية بشكل يومي إلى جزيرة حرقوص والجزر المحيطة بها، لاسيما في فصل الصيف للباحثين عن الطبيعة والمهتمين بالحياة الفطرية البحرية. تنوع التضاريس وتتسم الجزر في بلادنا بتنوع تضاريسها، فمنها ما هو جزر مرجانية تكونت من المرجان الذي نما فوق جروف ضحلة قليلة العمق في نطاق الجرف القاري، حيث وفرت ظروف ارتفاع درجة حرارة المياه بيئة ملائمة لنمو حيوان المرجان التي تكونت من بقاياه معظم الجزر، ومنها: أرخبيلي فرسان، ودهلك، ومعظم الجزر الواقعة أمام السواحل، ومنها ما هو جزر قارية تشكلت نتيجة انفصالها من اليابسة المجاورة لها بواسطة الصدوع أو عوامل النحت المختلفة، حيث تتكون تلك الجزر من الصخور نفسها التي تتكوّن منها اليابسة وتتكون غالبيتها من الصخور النارية والمتحولة والرسوبية، وتتميز أشكالها بامتدادها بمحاذاة الساحل، ومن تلك الجزر: ثيران، وصنافير، وحاطبة، وشدوان، وجوبال، ومكوّر، ومنها ما هو جزر رملية، وهذه تتكون من حواجز رملية كونتها الأمواج في المناطق التي يضعف فيها المد، ونمت على جواز مرجانية، وتتميز أشكالها الطولية وتنتشر بمحاذاة السواحل وبالقرب منها، وتتركز بشكل أكبر بمحاذاة منتصف الساحل الشرقي، ومنها جزر: شيبارة، وكشران، والطويلة، وثرا، ومنها جزر بركانية تكونت نتيجة اندفاعات بركانية من قاع البحر، ويوجد معظمها في وسط البحر بحكم طبيعة نشأته الأخدودية، وتتركز في جنوب البحر أكثر من شماله، ومنها جزر: الزبرجد، والطير، والزبير، وحنيش، وبريم، وبعض جزر الساحل الإريتري، إضافة إلى بعض جزر الساحل السعودي التي تقع في نطاق حرة البرك والقحمة جنوبالقنفذة، ومنها: جزيرتا جبل ذهبان، وجبل كدمبل. مستقبل واعد وتعد بلادنا هي الدولة العربية الأولى في امتلاكها للجزر البحرية التي يفوق عددها 1300 جزيرة تليها اليمن بما يقارب 580 جزيرة بحرية ومصر نحو 390 جزيرة، وعالمياً تحتل السعودية السابع عشر في عدد الجزر، إذ تحتل إندونيسيا المركز الأول بآلاف الجزر، ثم روسيا، فالولايات المتحدة الأميركية، فالفلبين والمالديف، وتحظى تلك الجزر بالاهتمام والرعاية والتطوير من قبل حكومتنا الرشيدة، إذ تملك أغلب تلك الجزر وخصوصاً الكبيرة منها المقومات السياحية التي تؤهلها بجمال طبيعتها البكر لأن تكون أجمل المزارات السياحية، ومن أهم هذه الجزر ما يقع في خليج العقبة والبحر الأحمر حيث يقام مشروع نيوم وهو مشروع سعودي لمدينة مخطط لبنائها عابرة للحدود، أطلقه ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في يوم الثلاثاء 4 صفر 1439 ه الموافق 24 أكتوبر 2017م، إذ يُعد ركناً أساسياً من رؤية المملكة 2030 من أجل النمو وتنويع مصادر دخل الاقتصاد السعودي، حتى تتبوأ المملكة مكانة ريادية في التنمية العالمية، وتمتاز هذه المدينة بوجود الشواطئ البكر التي تمتد على مساحة تتجاوز 460 كم من ساحل البحر الأحمر والعديد من الجزر ذات الطبيعة الأخاذة. مقهى شعبي في جزيرة تاروت غابات القندل في جزيرة فرسان طيور القماري في جزيرة أم القماري مشروع نيوم يضم جُزراً جذابةً في أجوائها إحدى جزر البحر الأحمر إعداد: حمود الضويحي