قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح بن محمد البدير – في خطبة الجمعة – : إن بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل ويرفع العلم وينقص العمل وتظهر القلاقل والفتن يرقق بعضها بعضا , وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه , ويمر الرجل بقبر الرجل فيقول : ياليتني مكانه , ويلقى الشح ويكثر الهرج , أي القتل حتى يأتي على الناس زمان لا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول فيما قتل , القاتل والمقتول في النار , وتأتي على الناس سنون خداعة يصدق فيها الكاذب , ويكذب فيها الصادق , يؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة , السفهاء من الناس يتكلمون في أمر العامة , وتضيع الأمانة , ويسند الأمر إلى غير أهله ويلتمس العلم عند الأصاغر ويتباهى الناس في المساجد ولا يعمرونها إلا قليلا. وأضاف : قد حان أجل الدنيا وفراغها , وأوشك زوالها وانقضاؤها , واقتربت الساعة ودنا قيامها , وأزفت الآزفة وقرب وقوعها , أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حوادثها وعلاماتها وأبان عن أشراطها وأماراتها , وأنذر بذكر دلالاتها ومقدماتها , ليتنبه الناس من رقدتهم ويحتاطوا لأنفسهم ويستعدوا ويتداركوا , ويتوبوا قبل أن يباغتوا , " فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها " , أشراط صحت بها الأخبار وثبتت بها الآثار , لا يجوز إنكارها ولا يسوغ ردها , ومما ظهر من أدلتها ومضى من أشراطها بعثة نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وعاقب المرسلين الذي أكمل الله به الدين وأقام به الحجة على العالمين , بعث في نسم الساعة وقال : " أنا والساعة كهاتين " ويشير بإصبعيه فيمدهما , وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من علاماتها وموته من أعظم المصائب التي دهمت أهل الإسلام. وقال : كيف بكم إذا نفخ في الصور وشخصت الأبصار , كيف بكم إذا طارت الصحف ونصب الصراط وأحاطت الأوزار , كيف بكم إذا أزلفت الجنة وزفرت النار , كيف بكم إذا قرب السؤال والحساب وشهدت الجوارح ونشر الكتاب , وتقطعت الأسباب وقرب العذاب فالبدار البدار فقد حان وقت التوبة والرجوع , وحل زمن البكاء والدموع , يتوب الله على من تاب , والتائب من الذنب كمن لا ذنب له , فاستدركوا الأوقات قبل الفوات , إن وعد الله آت , فاللهم سلمنا من تلك الأهوال , واجعلنا يوم الفزع الأكبر من الآمنين , وعند اللقاء من الفائزين.