المتتبع سعر الليرة التركية خلال السنوات القليلة الماضية، فهذه السنة قد فقدت الليرة التركية ما يقارب من 40 % من قيمتها أمام الدولار، وخلال خمس سنوات فقدت ما يقارب 370 % منها، حتى قاربت اليوم 9 ليرات لكل دولار رغم حالات تذبذب الدولار وتراجعه نسبياً، ذلك يلخص ما يقوم به الرئيس أردوغان في الاقتصاد التركي أو كما قال حليفه السابق أحمد داود أوغلو زعيم حزب المستقبل حين اتهم أردوغان " بتدمير شرف الأمة، بسبب سياساته التي تسببت في ارتفاع معدلات الفقر، وتحكم أقاربه في السلطة"، وتركيا أصبحت اليوم لا تعرف كم حرباً تخوض أو تدخلاً قامت به؟ فمن سورية لليبيا للعراق والبحر المتوسط من قبرص لليونان، وعمليات الضغط ضد أوروبا وتهديدها بالنازحين وابتزازها، إلى دول الخليج وتدخلها والدعم القطري الذي يقدم لتركيا والذي لم يزيدها إلا أزمات اقتصادية أكبر ولن تخرج تركيا منها. اليوم تركيا تعاني اقتصادياً من سياسات أردوغان، وعملتها هي أكبر عنوان لذلك، وهذا ما كبدها وسيكبدها خسائر كبرى مستمرة لن تتوقف، فمن رفض أردوغان رفع سعر الفائدة والتي يرى أنها مؤامرة، وهي مهمة كسياسة نقدية لمواجهة التضخم في تركيا، فلن ينخفض التضخم من بدون رفع الفائدة كإحدى الأدوات لمواجهة التضخم ضمن أدوات عديدة، وهذا الانهيار للعملة التركية يعني عدم جاذبية للاقتصاد، وخسائر فادحة للمستثمرين، وتضخماً أكبر مستمراً، وهذا ما قد يؤدي إلى استنزاف وانهيار الاحتياطيات التركية من النقد الأجنبي، وتركيا أنفقت ما يقارب 130 مليار دولار من الاحتياطيات خلال سنة ونصف، ومع ذلك ارتفع العجز وزاد التضخم والعجز المالي. الرئيس التنفيذي السابق لصندوق النقد الدولي السيد ديزموند لاكمان، يؤكد في حال حدوث أزمة سيولة في العالم فستكون تركيا من أوائل الدول التي ستعلن التخلف عن السداد، وهذا يعني كارثة اقتصادية ستعاني منها تركيا في مديونياتها وارتفاع الفائدة والتصنيف لها إلى الأسوأ. استطلاعات الرأي الأخيرة، الأتراك غالبيتهم يرون الصورة قاتمة ومتشائمة اقتصادياً لهم، حتى إن نسبة 78.1 % من الأتراك يعتقدون أن الاقتصاد سيذهب إلى الهاوية حسب استطلاع "متربول" في أكتوبر الماضي، ويرى 60 % أيضاً من الأتراك أن "مسار الاقتصاد التركي سيئ بسبب سياسات الحكومة الفاشلة"، وأكد 45.9 % أن السبب في تدهور الاقتصاد هو النظام الرئاسي الذي طبق منتصف العام 2018، هذا النظام ركز السلطة بيد الرئيس التركي أردوغان. من كل ذلك نجد أن سياسات الرئيس التركي أردوغان تودي بالاقتصاد التركي إلى مزيد من الهاوية كما يقولها الشعب التركي نفسه، وتدخلاته في السياسات النقدية أدت اليوم إلى ما نشاهده من انهيار عملة، وستزيد معها المصاعب الاقتصادية بصورة أكبر وأشد قسوة، سواء للشعب التركي أو للمستثمر داخل البلاد، وبالتأكيد إحجام عن الاستثمار في تركيا وفق هذه السياسات التي أثبتت فشلها الكلي.