دومًا كنت أطرح سؤالًا لنفسي ولربما تكون في هذه الكلمات.. الإجابة! السؤال.. هل من المفترض أن يكون الفنان أرقى في تعاملاته بحكم تعمقه في دراسة الجمال، وذلك من خلال التأمل وإدراك الجمال المبني على اليقين بعظمة إتقان الخلاق سبحانه وتعالى في الكون المحيط بكل ما هو حولنا، حيث إنني أعتقد أنه من المفترض أن يساعد ذلك الفنان على صقل حسه الداخلي، وبالتالي يتمكن من الحوار مع الآخر أيًا كان هذا الآخر! بأسلوب يتعايش فيه مع الجمال بفن ينبع من ذاته بإيمان مطلق أساسه الإنسانية، النقطة الأبعد في هذا المنظور، هي التوصل إلى قناعات داخلية يتم من خلالها متابعة التطور لذات الفنان مع اللحاق بالجماليات التي تتوالى، وتتوالد في نفسه كناتج لهذا الانعكاس الذي يرتقي بقدراته الداخلية، وبالطبع من المهم أن يشعر الفنان بأهمية هذا التطور لذاته ممثلًا في سلوكياته. يقول "إرنست ليفي": ستبدأ الإنسانية بالتحسن عندما نأخذ الفن على محمل الجد كما الفيزياء أو الكيمياء أو المال.. فعندما تتمازج مصادر الجمال المرئية مع القيم السلوكية العليا تتحول إلى سلوكيات مرئية مباشرة، مثل: الأمانة، الصدق، العطاء، الإخلاص، وبالتالي ينعكس فيها الحس بالجمال في الطبيعة، ومن ثم كيفية تحويل الخامة وتطويعها واستخدام اللون لتخدم هذه القيم بتلقائية فطرية؛ ليندرج تحت ما تعنيه كلمة سلوكيات في شكل جديد من أشكال "الجمال المكتسب". أخبرنا بابلو بيكاسو عن السر فقال: "أتقن القواعد كمحترف، حتى تتمكن من كسرها كفنان"، وقد أكد ذلك جبران خليل جبران بقوله: "الجمال العظيم يأسرني، ولكن الجمال الأعظم يحررني من الأسر ذاته". فقد خلق الله سبحانه الإبداع حراً.. بلا قيود، ومن هنا يمكن القول: إن التأمل في الكون بعمق وسيلة لتهذيب السلوك، وليكن الفن التشكيلي مفتاحا من مفاتيح تنظيم السلوك. لوحة الفنان أحمد الخزمري