أثرت أزمة كورونا على الاقتصاد المحلي السعودي كسائر الدول، حيث انعكست بشكل واضح على أداء الاقتصاد خلال النصف الأول من العام الحالي، ومع تأثير أعلى خلال الربع الثاني من العام نتيجة إجراءات غلق الأنشطة ضمن الإجراءات الاحترازية في مواجهة الوباء، بالإضافة إلى الانخفاضات في مبيعات وأسعار النفط العالمية. وقد بدأ الاقتصاد في بداية العام بأداء جيد استمراراً لوتيرة النمو خلال العام الماضي، حيث أظهرت نتائج الربع الأول لعام 2020، بحسب ما نشرته الهيئة العامة للإحصاء، نمواً في الناتج غير النفطي بنسبة 1.6 %، مدفوعاً بنمو القطاع الخاص بنسبة 1.4 %، وذلك نتيجة للجهود التي بذلتها المملكة خلال الأعوام السابقة في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، التي استهدفت تعزيز معدلات النمو الاقتصادي وتنويع القاعدة الاقتصادية، وزيادة التنافسية وتعزيز دور القطاع الخاص. ومع الحفاظ في الوقت نفسه على الاستقرار المالي والاقتصادي، حيث عكست العديد من التقارير العالمية خلال الفترة الماضية تقدم ترتيب المملكة في عدد من المؤشرات، كالتنافسية وممارسة الأعمال والابتكار والتطور التكنولوجي وغيرها. إلا أن أزمة كورونا والإجراءات المطبقة لمواجهتها مثل، فرض حظر التجول الجزئي والكلي، وإغلاق الطيران المحلي والدولي منذ نهاية شهر مارس، أثرت وبشكل كبير على نتائج الأداء الاقتصادي للربع الثاني من العام 2020، حيث تراجع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بحوالي 7.0 % في الربع الثاني من عام 2020، مدفوعاً بتراجع الناتج النفطي الحقيقي بنسبة 5.3 %، وكذلك تراجع الناتج غير النفطي الحقيقي بنسبة 8.2 %، في حين شهد القطاع الخاص انكماشاً حاداً بنسبة 10.1 % خلال الفترة نفسها. وبالنظر إلى أداء الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال النصف الأول من العام 2020، فقد سجل تراجعاً بنحو 4.0 % نتيجة لانخفاض في الناتج النفطي الحقيقي بمعدل 4.9 % بسبب الاستمرار في خفض إنتاج النفط حتى نهاية النصف الأول التزاماً باتفاقية أوبك+. في حين انكمش الناتج غير النفطي الحقيقي بنسبة 3.3 % خلال النصف الأول من العام متأثراً بالأزمة. كما أظهرت بيانات النصف الأول من 2020 تراجعاً حاداً للقطاع الخاص بنسبة 4.3 % نتيجة تراجع مجمل الأنشطة الاقتصادية غير النفطية. وتشير البيانات إلى تراجع نشاط الصناعات التحويلية الأخرى بنسبة 6.6 % خلال النصف الأول 2020، في حين سجل نشاط الخدمات الاجتماعية والشخصية انكماشاً بنسبة 4.5 % وكذلك نشاط التشييد والبناء بنسبة 1.3 %. كما تراجع كل من نشاط تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق ونشاط النقل والتخزين والاتصالات بنسبة 6.7 % و6.1 % على التوالي. وفي أسواق النفط العالمية، بلغ متوسط أسعار النفط لخام برنت منذ بداية العام 2020 حتى نهاية شهر أغسطس حوالي 41.2 دولار للبرميل، مقابل 64.9 دولار للبرميل خلال الفترة نفسها من العام السابق. وبلغ متوسط إنتاج المملكة من النفط 9.33 مليون برميل يومياً، مقابل 9.84 مليون برميل يومياً في الفترة نفسها من العام السابق. وتسيطر على أسواق النفط حالة من الحذر وعدم اليقين في ظل تقارير المنظمات والبنوك العالمية، التي تتوقع انكماش الاقتصاد العالمي بسبب الجائحة. ويأتي ذلك تزامناً مع إيقاف كثير من الدول نشاطاتها الاقتصادية ووقف الطيران الدولي. وشهدت أسواق النفط تقلبات كبيرة خلال العام 2020، وتراوحت أسعار خام برنت بين أكثر من 63.8 دولار للبرميل في شهر يناير، لتعود وتنخفض إلى حوالي 18.4 دولار للبرميل في شهر أبريل، ثم تحسنت إلى أن بلغت 44.7 دولار للبرميل في نهاية شهر أغسطس من العام الجاري. وفيما يتعلق بالإنتاج، تشير تقارير منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" إلى التزام المملكة باتفاقيات الإنتاج حيث بلغ متوسط إنتاج النفط الخام للمملكة منذ بداية العام 2020 حتى نهاية شهر أغسطس 9.33 مليون برميل يومياً، بتراجع مقداره 511 ألف برميل يومياً، ونسبته 5.2 % مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. ويأتي ذلك تتويجاً للجهود المبذولة من دول الأوبك والمنتجين خارجها "أوبك+"، لدعم استقرار أسعار النفط تزامناً مع تراجع الطلب العالمي من النفط بسبب الجائحة.