نبقى في الماضي ونعجز عن العبور لنلتقي بالحاضر ويبقى هنا السؤال: هل من مستقبل مليء بالحياة والسعادة بينما نحن نعيش الماضي بكل الزوايا؟ وهذا الأمر مرهون بنظرتنا للزمن، فقد نميل نحو التعلق بسجن الماضي، أو العيش نحو آمال المستقبل دون شغف للعمل إليها، وهذا وذاك يؤثر على نفس الفرد وعلى نجاحاتنا التعليمية والمهنية وعلى مدى شعورنا بالصحة بشكل عام، وهذا ما توصل إليه عالم النفس زيمباردو من جامعة ستانفورد بشأن نظريته حول أبعاد الزمن، هنا نوضح نظرية العالم زيمباردو: أن الفرد كل ما نظر لبعد المستقبل يقل شغف الفرد في تحقيق الأحلام والعبور للمستقبل بتحقيق جميع الأهداف، وأن الزمن المفتاح الرئيس للتعرف على سمات الفرد مثل التفاؤل أو الألفة أو التشاؤم ومن هذا القبيل، وكما وجد أن منظورات الزمن تؤثر على أحكامنا وقراراتنا وتصرفاتنا بدرجة كبيرة تصل إلى 95 %. وقد يتساءل البعض هل يمكن أن نعبر الماضي ونرتقي بمستقبل باهر؟ والإجابة على ذلك نستخلصها من قول زيمباردو: يمكننا أن تعلم بشكل مثالي تغير انتباهنا بسهولة بين الماضي والمستقبل، وأن نكيف عقولنا بصورة واعية في أيّ موقف نواجهه، فإذا تعلمنا كيف نغيّر وجهة نظرنا نحو الزمن وفق هذه المواقف فإن ذلك سيسمح لنا بأن نعيش حياتنا بشكل كامل وممتع، كأن نسترخي في المساء ونستمتع بالطعام بينما نحن نتذكر بعض الأحداث الجميلة والموجعة التي وقعت منذ زمن قديم في الماضي. لقد وضع زيمبادور خمسة أبعاد زمنية يمكن أن تحدد شخصية الفرد وسلوكه. وهذه الأبعاد هي: الماضي السلبي يتمثل في توجيه انتباه الفرد نحو الخبرات السيئة التي حدثت في الماضي، والتي لا يزال لبعضها قوة كبيرة في إثارة ازعاجه وقلقه، وشعوره بالمرارة. الماضي الإيجابي: يتمثل في حنين الفرد إلى خبرات الماضي الطيبة، والبقاء متعلقاً بها بدرجة كبيرة، وغالباً ما تدور هذه الخبرات حول امتلاك الفرد للعلاقات السعيدة التي تشكل دعماً له. التركيز على المستقبل: يتسم الفرد هنا بالطموح والتوجيه نحو تحقيق الأهداف ومقاومة المغريات في سبيل إنجاز الواجبات، وأن أي عرقلة أو تأخير عن تحقيق الفرد لأهدافه ومشروعاته المستقبلية تجعله يشعر بالانزعاج وزيادة التحدي والإصرار، ورغم مميزات هذا البعد إلا أنه يأتي على حساب العلاقات الاجتماعية للفرد وشعوره بالراحة. إن جميع الأبعاد الزمنية السابقة تركت آثاراً مهمة في حياتنا فيما مضى. وتعلمنا ومعرفتنا لنظرية زيمباردو أن نقوي همتنا لمواجهات الزمن وعرقلة الزمن وكيفية التعامل معها، أن نكون أكثر دراية باحتياجاتنا النفسية وقيمنا الشخصية لتحقيق التوازن والإيجابية وتطور الفرد في الطريق نحو المستقبل والعثور على الطريق الصحيح ورسم الخطط لتحسين ذواتنا وحياتنا المستقبلية، إذ يمكننا تحويل شعورنا بالندم من الأخطاء التي حدثت في الماضي إلى خبرات إيجابية، وذلك عن طريق توظيف هذه المشاعر المؤلمة لتغذية دوافعنا نحو عدم تكرار هذه الأخطاء، وأن نشغل أنفسنا بتطوير عبورنا إلى المستقبل.