تبادلت أرمينياوأذربيجان الاتهامات أمس الاثنين بمهاجمة مناطق مدنية في اليوم التاسع من القتال الأكثر دموية في منطقة جنوب القوقاز منذ ما يزيد على ربع قرن. وقُتل مئات الأشخاص في الحرب الأحدث على ناجورنو قرة باغ، وهو جيب جبلي تابع لأذربيجان بموجب القانون الدولي لكن يسكنه ويحكمه منحدرون من أصل أرميني. واتهم الرئيس الأرميني آرمين سركيسيان، الاثنين، تركيا بمحاولة تنفيذ عمليات تطهير عرقي ضد الأرمن في قرة باغ. وقال سركيسيان، في حوار مع «سكاي نيوز عربية»: إن أذربيجان «هي التي بدأت الحرب هناك»، مضيفاً: «النزاع لن يحل بالقوة.. ليس هناك حل عسكري لأزمة ناجورنو قرة باغ». وأوضح أن المعارك أصبحت معقدة بسبب تدخل طرف ثالث «والحديث هنا عن تركيا.. تدخل هذه الأخيرة جعل الأمور معقدة أكثر». وتابع: «أنقرة أرسلت آلاف المرتزقة لدعم أذربيجان، معظمهم إرهابيون متطرفون.. هذا لا يغضب الأرمن فقط بل سيغضب العديد من الدول الإقليمية، مثل روسيا والمجتمع الدولي». وأردف قائلاً: «تركيا مثلما فعلت في السابق، تحاول تنفيذ عمليات تطهير عرقي ضد الأرمن في ناجورنو قرة باغ.. لا نريد سورية أخرى في المنطقة حيث سيتدخل الجميع وسيكون الأمر مدمراً». وتصاعد القتال في مطلع الأسبوع وبدت فرص وقف إطلاق النار بعيدة بعد خطاب يفتقر للمهادنة ألقاه إلهام علييف رئيس أذربيجان الأحد. وقال علييف في خطاب للأمة بثه التلفزيون: إن قوات أذربيجان تتقدم وتستعيد أراضي كان الأرمن قد سيطروا عليها في تسعينات القرن الماضي لكن أرمينيا تشكك في هذه المكاسب. وطالب علييف أرمينيا بوضع جدول زمني للانسحاب من ناجورنو قرة باغ والأراضي المحيطة بها وقال إن أذربيجان لن توقف الأعمال العسكرية حتى يتحقق ذلك. وأضاف «أذربيجان لديها شرط واحد وهو تحرير أراضيها.. ناجورنو قرة باغ أرض أذربيجانية». وبعد الخطاب مباشرة تحدث آرتسرون هوفهانيسيان المسؤول بوزارة الدفاع الأرمينية قائلاً: «لا أعتقد أن هناك أي خطر على يريفان (عاصمة أرمينيا) ولكننا في حرب على أي حال». وأثارت الاشتباكات مخاوف دولية حول الاستقرار في جنوب القوقاز حيث تنقل خطوط أنابيب النفط والغاز الأذربيجاني إلى الأسواق العالمية، ومن أن يؤدي الصراع إلى تورط قوى إقليمية أخرى، إذ تدعم تركياأذربيجان بينما لدى أرمينيا معاهدة دفاعية مع روسيا. اليوم التاسع أعلن إقليم ناجورنو قرة باغ أمس الاثنين أن القوات الأذربيجانية شنت ضربات صاروخية على عاصمته خانكندي، بينما قالت أذربيجان: إن أرمينيا أطلقت صواريخ على عدة بلدات خارج الإقليم الانفصالي. وقال فاهرام بوجوسيان المتحدث باسم زعيم الإقليم: «العدو يطلق صواريخ على خانكندي وشوشي. لن يتأخر رد جيش الدفاع كثيراً». وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية شوشان ستيبانيان: «معارك عنيفة مستمرة». وقال مسؤولون من الإقليم: إن 21 جندياً قتلوا في اشتباكات عنيفة مع أذربيجان ليصل الإجمالي إلى 223 قتيلاً منذ بدء القتال. ولا تكشف أذربيجان عن خسائرها العسكرية لكنها تقول إنها خسرت 25 مدنياً. وقالت أذربيجان: إن أرمينيا شنت هجمات صاروخية على مناطق مكتظة بالسكان وعلى البنية التحتية المدنية في أذربيجان. وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية إن نظام الرادار الخاص بها سجل أن عمليات الإطلاق تمت من أراضٍ أرمينيا. وقال هوفهانيسيان المسؤول بوزارة الدفاع الأرمينية: «من الزيف والتضليل الكامل القول إن أرمينيا فتحت النار على مناطق أذربيجانية». وهذه الاشتباكات هي الأسوأ منذ التسعينات حين قُتل نحو 30 ألفاً، وتنتشر المعارك خارج إقليم ناجورنو قرة باغ. ولم تسفر دعوات لوقف إطلاق النار أطلقتها روسيا وفرنسا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن أي نتيجة. وقال علييف: إنه يتعين على أذربيجان الإمساك بزمام الأمور بعد انتظارها إحراز تقدم دبلوماسي دون جدوى لمدة ثلاثة عقود. وقال المحللان ألكسندر سترونيل ويوهان ميشيل من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: «القتال أخمد بالأساس أي فرصة للتوصل إلى حل في الأجل القريب للنزاع على ناجورنو قرة باغ». وإذا نشبت حرب مفتوحة بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين سيكون لدى أذربيجان ميزة واضحة. فلديها قوات نظامية قوامها 81950 جندياً إضافة إلى قوات الأمن بالمقارنة مع 49100 لدى أرمينيا وفقا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وقال المحللان: إن أذربيجان «لديها ميزة كمية ونوعية» ويبدو أنها اكتسبت زخماً بسيطرتها على الجو. لكنهما أضافا أن من السابق لأوانه التأكد من مدى المكاسب التي يمكن تحقيقها على الأرض. وقال ميشيل إن من المرجح أن تكون أذربيجان قد دمرت ما بين 30 و40 من دبابات العدو بطائرات مسيرة وخسرت بعض دباباتها. لكنه أضاف أنها لكي تتمكن من السيطرة على الأراضي الجبلية الوعرة سيكون عليها التقدم بقوات المشاة والدبابات وناقلات الجنود المدرعة. دعوة للتهدئة دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج الاثنين إلى وقف إطلاق النار في ناجورنو قرة باغ مع ارتفاع عدد القتلى. وقال ستولتنبرج خلال زيارة إلى تركيا: «من المهم للغاية أن ننقل رسالة شديدة الوضوح إلى جميع الأطراف بأن عليهم وقف القتال على الفور، وبأننا ينبغي أن ندعم كل الجهود لإيجاد حل سلمي من خلال التفاوض». وأضاف في مؤتمر صحفي: «لا يوجد حل عسكري».