في صباح يوم جميل وأمامي كوب من القهوة وكتاب نيكولاس إيبي «قراءة العقول» التقطت كاميرا سنابي صورة لذلك الصباح أرفقتها بعبارة رائعة لمحمد الثبيتي رحمه الله «حيثما ألقي مفاتيحي».. الطريف في الأمر أن إحداهن أرسلت لي سؤالاً: «عسى ما ضيعتِ مفاتيحك؟!» بغض النظر عن كوني كنت أنتظر أن يناقشني أحد بتجربة الثبيتي الشعرية أو يمتدح قهوتي على الأقل أو يسألني عن الكتاب، فقد كانت الصدمة لي حينما أجبتها أني سأكون آخر امرأة تقود السيارة بأن أدخلتني بأيديولوجيا فكرية دينية مجتمعية من المفروض أن تكون انتهت بقرار قيادة المرأة، ولم تسألني عن السبب وراء عدم رغبتي الحقيقية بقيادة السيارة. من رحمة الله أني كنت أقرأ وقتها هذا الكتاب الذي ذكر فيه نيكولاس إيبي أن العالم كاد أن يفنى بسبب سوء الفهم، ففي عام 1962 كان الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية على شفا جرف من الحرب النووية، وكان آخرها محاولة أميركا الفاشلة احتلال كوبا في عهد كيندي، وفي محاولة خروتشوف الدفاع عن كوبا بعقد اتفاق مع حليفه كاسترو لوضع سلاح نووي في كوبا، فيما اعتبرت أميركا ذلك تهديداً وتصرفاً عدوانياً، ففرض كيندي حصاراً بحرياً لإيقاف السفن السوفيتية، ولكن ما لم يعلمه كيندي أن السوفييت توقعوا الغزو ووضعوا أسلحتهم وضع الاستعداد، فلو قام كيندي بغزو كوبا لكانت ذريعة لجنرالات السوفييت للبدء بالحرب النووية، كان التواصل جميعه عن طريق الوسطاء، وكانت الشكوك والشائعات والمعلومات المغلوطة والخوف المتبادل وانعدام الثقة تدفع لاندلاع الحرب، فأنشئ ما يسمى «بالخط الأحمر» وهو خط هاتفي مباشر وسري استطعنا من خلاله فهم وجهات النظر في سبب المخاوف المتبادلة والذي كان سبباً في التوصل للاتفاق لحل سلمي جنّب العالم الدخول في محرقة نووية. كان الدرس الذي تعلمناه هو إيجاد «خط اتصال أحمر» لفهم عقول الآخرين، والظنون والتسرع، وأن أعظم قدراتنا لاتزال بعيدة كل البعد عن الكمال. أنا متأكدة أنكم تريدون معرفة سبب عدم رغبتي في قيادة السيارة، وبعيداً عن الظنون والشكوك فإن لدي مشكلة صحية بسيطة لا تمكنني من القيادة بشكل مريح.. أما السيدة التي سألتني فقد أجبتها بعد ذلك بنفس الإجابة وأرفقت إجابتي برائعة سيد البيد سيد الحداثة والتجديد التي كنت على أمل أن يناقشني أحد في تجربته الشعرية حينما كتبت عبارته في سنابي.. قَصَائدِي أَينَمَا يَنْتَابُني قَلَقِي ومَنْزِلِي حَيثُمَا ألْقِي مَفاتيحِي فَأَيّ قَولَيَّ أَحْلَى عندَ سيِّدَتِي مَا قلتُ للنَّخلِ أَمْ مَا قُلْتُ للشِّيحِ؟