تحتفل المملكة العربية السعودية بالذكرى التسعين على تأسيسها في تاريخ 23 سبتمبر لهذا العام (2020) تحت شعار «همة حتى القمة». كما أنَّ العالم أيضًا احتفل باليوم العالمي للسلام في 21 سبتمبر من هذا العام تحت شعار «تشكيل السلام معًا». فهذا التقارب الزمني فيه دلالة واضحة على ما حققته المملكة وقيادتها الحكيمة بسجلها الحافل بالإنجازات منذ تأسيسها لدعم مسيرة السلام والتعايش الدولي، والمساهمة في إنهاء الأزمات والخصومات الدولية وتسوية الخلافات الحدودية بين الدول العربية والإسلامية، كما دعت المملكة منذ البداية إلى ترسيخ مبدأ الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، فهناك «وثيقة مكة» التي مثَّلت دستورًا تاريخيًّا لتحقيق السلام وحفظ قيم الوسطية والاعتدال بين الدول الإسلامية من ناحية، والأمم والشعوب من ناحية أخرى. كلُّ ذلك يشعرنا بالفخر والاعتزاز بهذا الوطن. وفي ظل الظرف الاستثنائي العالمي لهذا العام (2020)، وسط تزايد التوترات والنزاعات والحروب والأوبئة والضغوط البيئية التي يشهدها العالم، وتزامنًا مع تولي المملكة العربية السعودية رئاسة مجموعة العشرين (G20) هذا العام والتي تهدف إلى تعزيز التوافق العالمي واغتنام فرَص القرن الحادي والعشرين للجميع، من خلال تشكيل آفاق جديدة لحماية الموارد العالمية المشتركة، وتقوية روابط المحبة والتآلف والتعايش السلمي بين مختلف دول العالم. كل ذلك يُشجٍّع على طرح مبادرة سعودية تتمثل في عقد مؤتمر افتراضي دولي على هامش قمة مجموعة العشرين (G20) تنظمه المملكة تحت شعار «مستقبل السلام والتعايش السلمي»، خصوصًا وأنَّ تصنيف المملكة في مؤشر السلام العالمي (Global Peace Index) يتقدم عاماً بعد عام على المستوى العالمي والعربي والخليجي، وتطمح المملكة الى تحقيق تقدم مستقبلي ملموس في هذا المؤشر العالمي. بحيث يكون الغرض من انعقاد هذا المؤتمر تنظيم مصالحات دولية شاملة من خلال عقد سلسلة مؤتمرات افتراضية؛ بحيث يتم اختيار قضية ملحة عربية أو إسلامية أو دولية سنويًّا في كل مؤتمر، ويكون المؤتمر الأول في هذا العام (2020) هو نواة لهذه السلسلة بقيادة المملكة، بهدف مناقشة أهم القضايا والنزاعات الدولية بأسلوب موضوعي ومنطقي محايد، والتوصل إلى حلول توافقية مناسبة وعادلة لمعالجة مختلف القضايا والمشكلات التي تتعرض لها دول العالم، يتم من خلاله استخدام السبل الدبلوماسية لتسوية تلك النزاعات والخلافات العالقة فيما بينهم، وفقًا لضمانات دولية كفيلة بتطبيق ما يخرج من توصيات واتفاقيات موثقة ومُلزمة للجميع تُعلَن الحقائق للعالم. كما سيؤكد انعقاد هذا المؤتمر حقيقة الدور القيادي العالمي للمملكة في سعيها لتحقيق السلام والاستقرار والتعاون العالمي في مختلف المجالات، مما يعود في النهاية بفوائد ومكاسب فعلية للمملكة تعزز من صورتها وسمعتها عالميًّا في تحقق السلام والاستقرار وتدعم تصنيفها في مؤشر السلام العالمي من ناحية، ومن ناحية أخرى يساعدها في بناء شراكات وتحالفات استراتيجية جديدة، فضلًا أنَّه سيسهم في دعم دور الأممالمتحدة في ترسيخ دعائم السلام وتحقيق الأمن العالمي وفقًا لأحدث الأسس والمعايير الدبلوماسية والتقاليد والأعراف والمواثيق الدولية. بحيث يتسق مع أهداف مجموعة العشرين (G20) في تحقيق الرخاء والنمو والاستدامة والشمولية لشعوب العالم. وعلى الرغم من صعوبة وتعقيد تنظيم مثل هذا المؤتمر؛ فإنَّ مؤتمرات الواقع الافتراضي تتسم بسهولة وسرعة التنظيم؛ وتعدُّ أكثر ملاءمة لمشاركة وتفاعل مجموعة أوسع من الأطراف غير المتوافقة والمتنازعة دوليًّا؛ لذا فإنَّ عقد مثل هذا المؤتمر الافتراضي ممكن وغير مستحيل لا سيما بعد نجاح المملكة في تنفيذ انعقاد أول قمة عالمية استثنائية في التاريخ عبر الواقع الافتراضي، رغم تحديات تعدد الأطراف من مختلف الدول وبمختلف اللغات وفي وقت تحضير قياسي. وذلك لأن التواصل والتعايش بسلام مع العالم وبناء جسور الاتصال مع المجتمعات الدولية، مطلب مهم لكي تكون السعودية من رواد السلام العالمي. وكل عام والوطن بقيادته وشعبه بخير وسلام. زاهر الشهري